امرأة أم مركز إعادة تأهيل؟
08 أغسطس 2021
0
130581

شهد الغامدي:

“زوجوه يعقل” ثم بعد الزواج “هذا أبو عيالك أصبري عليه” “أيش يعني مدمن؟ عشان يخونك؟ ” “حسني صورته قدام عياله هذا أيش ما صار أبوهم”

عبارات جاهلة وتسلب الفتيات حقوقهن يرددها المجتمع دون أن يبالي بأثرها بعيد المدى “تقتل امرأة واحدة في البلاد فنموت جميعًا”  كسلع معروضة للبيع يهتم البائع للسعر الذي سيربحه كشخص لا يحق له أن يقرر يحرمونه كيانه واستقلاليته ما داموا يرون أنه هذا الفرد يناسبها لا يكترثون لما قد تشعر به هي من الداخل تنعجن حياتها وفق رغبات وأفكار واراء لا تخصها لا تعنيها وليست على مقاس قلبها الذي تركنه كل صباح بزاوية منكمشَا وضئيلًا وترتدي آخر لا يشبهها ثقيلًا بما يكفي ليهد قواها وهي تقف عند المطبخ تطهو الغداء و تتذوقه بلسان زوجها لم يعد يهم أن تعجبها الأشياء المهم أن تخرس لسانه السليط أن تكف عنها شره ،

ومن زاوية أخرى قد تجد أنهم حريصون لكنه يصبح شخصًا آخر غير الذي عرفته وهذا ما يجعلنا نتساءل أين الفحوصات النفسية وفحوصات الإدمان قبل الزواج ؟ لماذا يخجل الجميع من طلبها والقيام بها؟

إن الزواج حياة كاملة أسرة ستُبنى فكيف سيعيش الأبناء في بيئة سامة وجحيم أب لا يدرك ما تعنيه الأبوة يقذف إهاناته اللفظية والجسدية وتبقى الزوجة في صراع ما بين فلذات أكباد ومجتمع يسحقها بضغوطات تفوق طاقتها ويمنعها من الطلاق.. ثم نسمع فاجعة وفاتها، نساء كثيرات يُقتلن الواحدة تلو الأخرى تستباح دماؤهن يبررونها لأجل قضايا مختلفة ودنيئة لكن لا سبب بإمكانه أبدًا أن يبيح لك إزهاق روح بريئة وسرقة حياتها بهذه البشاعة ومن أنت لتقرر أنها تستحق أن تموت ؟

” وكرهت أني جئت من جنس النساء وجعي على وجع النساء” كلما حاولت أن تحلق كسروا أجنحتها ودفنوها وحين تعرف طريقًا للحب يقطعون السبيل نحوه ولو عاشت سعيدة يشكلون تعاستها كل ذلك تحت سقف الزواج ماذا سيحدث لو عاشت امرأة في هذا العالم دون أن تتزوج؟  هل ستكون هذه نهاية العالم؟

تبكي فتاة ما في بلد ما كل ليلة بحرقة وألم في فؤادها تكاد تنفجر ولا تعرف الخلاص وينزف معها قلبي تبكي عمرها الذي يضيع مع رجل لم تعرفه ، ربما تعرفه تمامًا لكنها الآن تجهله وتنقلب حياتها لدرك أسفل عقب تمنيها أن تصير جنة

كم صعب على النساء أن تولد في عوالم مثل هذه لا تؤمن لها حقها في الطلاق ولا في الخلاص وتضطر لدهس مشاعرها كيلا تظهر أمامهم ضعيفة وهشة فيصرخ أحد أفراد عائلتها في وجهها لو تكلمت يومًا عما تقاسيه وتعانيه كل يوم ” وش بيقولون عنا الناس؟” بنتنا مطلقة؟

وهكذا في كل ليلة تعود إلى سريرها مُتعبة تفقد جزء منها يومًا بعد يوم حتى لا تعود تتعرف على وجهها تتأمله في المرآة وتحصي عدد تراكمات حبستها فتحولت لندبات ترتسم داخل أعماقها وكل طموحاتها وأحلامها يشاركها الجميع فيها وهكذا يعلمونها على الدوام الصمت وفي حين أنهم يظنونه علامة الرضا بينما هو رغبة تلاشت وسخط لا تستطيع الإفصاح عنه أبدًا.

تُذبح النساء والفتيات بطرق جنونية في عمر الزهور الذي أصبح قاحلًا ومتعفنًا وقاسيًا ورغم ذلك نسمع بالإعفاء عن القاتل في أحداث كثيرة.. تنكسر روحي مع كل امرأة تُكسر وتُعذب دون أن يؤخذ حقها حتى تحين ساعتها الأخيرة تلفظ آخر أنفاسها بعد رحلة طويلة ومهلكة من التعنيف والوجع والآهات الحبيسة التي لم يلتفت لها يومًا أحد ، لا أحد يستحق أن يعيش حياة تنقله للنعش وللموت يمر خلالها بعمر من الخوف والقلق وتنزع منه الطمأنينة.

ما ذنب الأبناء  ليفقدوا أمهاتهم؟ والأمهات ليفجعن في بناتهن؟

لماذا يُزوج الآباء والأمهات أولادهم دون جاهزيتهم التامة لهذه الخطوة الكبيرة ؟

لماذا يسمحون لعقليته وأفعاله القذرة الوحشية أن تتنقل من فتاة لأخرى فتفزعها وتصبح مثل شرخ وذكرى سيئة عالقة بها ؟

لماذا يقدسون الذكر حد أنهم يرون كل ما يقوم به حتى وإن كان جرمًا شنيعًا يُغتفر بينما المرأة تُحبس وتهان ولا يٌقبل منها أي خطأ ؟

تدفن أرواح النساء وكأن أرواحنا تدفن معهن وفي هذه الاثناء تُجمع لأجل قاتلها دية يتباكون محاولين جلب التعاطف وإثارة الشفقة لأجل تحريره حتى يفقد العالم امرأة أخرى نبكيها بحسرة جميعًا .

لا أستطيع استيعاب السُخف الذي تنمو عليه مجتمعاتنا وكل ما أريده أن نجد حقوقًا صارمة تضمن للفتيات حقوقهن وأن تتزوج من يستحقها وتستحقه ولا نكترث لما يقوله الآخرون لأنها في الأخير حياتها وحدها هي من ستعيش معه في بيت واحد وتغلق الباب وراءها دون أن يبصر أو يشعر أحد بما يحدث وراء هذا الباب مهما كان يستنزفها، احموا بناتكن فهذا العالم ليس ورديًا وهذه الحياة يوجد بها شقاء وكبد وليس سعادة أبدية اسمعوا لهن قبل أن تسمعوا عن وفاتهن وتذوقوا مصيبة فقدهن .

 

 

 

 


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com