Latest News
بالتأكيد.. كن لطيفاً ولكن لا تدعهم يسيطرون عليك.
12 يوليو 2025
0
2871

سلطان سعيد

في عالم يزداد فيه الصخب والتنافس حدة تصبح القوة غالباً هي اللغة المفهومة الوحيدة في زمنٍ يمجّد فيه الصخب وترفع فيه رايات السيطرة والهيمنة وتبدو مفردة اللطف كأنها ترفٌ إنساني لا مكان له بين صراعات البقاء ولكن الحقيقة الأعمق أن اللطف انضباط داخلي وقدرة على السيطرة على القوة نفسها واستخدامها بحكمة لا بدافع الهيمنة بل بدافع الإصلاح والبناء.

إذاً اللطف في جوهره لا يعني التراجع والانحناء او الضعف و الدروشة بل هو فن الاتزان بين الحزم والرحمة هو أن تكون كريماً دون أن تكون ساذجاً أن تحب دون أن تكون ضعيفاً أن تترك أثراً طيباً دون أن تفقد حدودك هو سلاح الأقوياء الذين لا يحتاجون إلى رفع صوتهم ليُسمعوا ولا إلى فرض هيمنتهم ليفرضوا احترامهم

‏اللطف سلاح.
‏ليس ضعفا.

‏كن لطيفاً وليس ليناً
‏كن كريماً وليس ساذجاً
‏كن محباً ولكن لا تكن أبدا شخصاً ضعيفاً.

‏اترك اللطف في أعقابك
‏لكن تأكد تماماً من أنهم يعرفون أنك قادر على استخدام الطاقة النووية إذا لزم الأمر.
لأن اللطف دون القوة في هذا العالم هو دعوة للطفيليات.

كن العاصفة التي يمكنها أن تختار جلب المطر أو النار
نعم ..اترك آثار أقدام
‏لكن ارتدي أحذية مصنوعة من الحدود والحديد .

لأن كل هذا يجسد بشكل جميل جوهر دعوت ديننا للعيش والقيادة بطريقة تترك بصمة إيجابية أبدية ليس فقط إنجاز المهام بل لمس القلوب وهو الأهم

‏كل تفاعل او قرار كل خطوة او مبادرة هي فرصة لزرع بذور النعمة واللطف حتى في أمور صغيرة خفية وهذه ليست مجرد ممارسة قيادية فاضلة بل هي تدبير الهي ملكوتي.

‏اللطف يضاعف التأثير ويبني الثقة ويعكس شخصية الأنبياء يكلف القليل لكنه غالباً ما يثمر الكثير والكثير من المكافآت الأبدية.

وبالتالي اللطف لا يعني الانحناء أمام الخطأ ولا السكوت عن الإهانة إنما هو اختيار مدروس لأن تكون النور في العتمة الصوت العاقل في صخب الغضب اليد التي تمسك لا لتقيّد بل لترفع وتعين وهذا الاختيار لا بد أن يُحاط بجدران من الوعي والحدود والثقة بالنفس والصبر فكل طاقة غير محمية تتحول إلى ضعف وكل عطاء بلا وعي يستنزف.

أن تكون لطيفاً يعني أن تمشي في هذا العالم بحضور هادئ يشبه النسيم لكنه قادر أن يتحول إلى عاصفة إذا لزم الأمر أن تُشبه المطر في عطائك لكنك لا تتردد في أن تتحول ناراً إذا ما دُفع بك إلى الزاوية لأن اللطف في جوهره لا يلغي القوة بل ينضجها ويمنحها إنسانية.

في كل تفاعل بشري فرصة إما لزرع حياة أو نثر جفاف وكل موقف مهما كان صغيراً يحمل احتمال أن يكون انعكاساً لقيم أعمق من الكلمات أن تكون لطيفاً لا يعني أن تُرضي الجميع بل أن تكون حقيقياً نقياً في نيتك نبيلاً في موقفك وواضحاً في حدودك

واللطف لا يتناقض مع الحزم بل يعززه وهو لا يُقلل من الهيبة بل يرفعها لأنه يلامس ما هو أعمق من السلوك الظاهري يلامس الجوهر الذي يراه الناس ويثقون به ويشعرون بأمانه .

فالقيادة الحقيقية لا تقاس فقط بإنجازات تُكتب بل ببصمات تترك على الأرواح أثر يخلّف الطمأنينة لا الخوف ويزرع الاحترام لا الرهبة ويبني الثقة لا الحذر .

ختاماً اللطف حين يُمارَس بوعي يصبح تدبيراً إلهي لا مجرد سلوك أخلاقي وأسلوب حياة استثمار أبدي في النفوس لا يُقابَل بالتصفيق لكنه يُكافأ بالبقاء في ذاكرة الناس وقلوبهم وبالسلام العميق الذي لا يمنحه إلا الله..دمتم لطفاء إلى الأبد.


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2025 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com