بين أنشطة نادي السينما في المكتب الثقافي المصري فيلم بابل يثير نقاشا حول صورة العرب كما يروجها الغرب
09 نوفمبر 2016
0
96129
ش ا س – خالد فلاته
أقام المكتب الثقافي المصري في الكويت أمسية جديدة من أمسيات نادي السينما التي يقدمها الناقد السينمائي المصري الفاروق عبدالعزيز الذي اختار فيلم بابل لعرضه وتقديمه نقديا للجمهور.
فيلم بابل أنتج في العام 2006، وأخرجه المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزالس إناريتو، ومن تأليف غييرمو أرياغا، وتتكون قصته من ثلاث قصص درامية متكاملة تدور أحداثها في كل من المغرب، اليابان، المكسيك والولايات المتحدة. تم ذلك عبر تعاون سينمائي عالمي لعدة شركات إنتاج في فرنسا، المكسيك والولايات المتحدة. الفيلم من بطولة براد بيت وكيت بلانشيت، وقد فاز ب 28 جائزة منهم جائزة أوسكار أفضل موسيقي تصويرية الي جانب ترشيحه ل 75 جائزة منها.
وملخص قصة الفيلم أن أحداثه تبدأ في الصحراء المغربية، حيث يعيش أخوان طفلان يرعيان قطيع الماشية المملوك لعائلتهما، واللذان يقرران اختبار قدراتهما على استخدامها، ولكن عندما تذهب أحد الطلقات بعيدا جدا، تتغير حياة خمسة مجموعات من الناس في ثلاث قارات مختلفة. تشمل المجموعات زوجين أمريكيين (براد بيت، كيت بلانشيت) بحيث تصاب الزوجة بالطلقة وهم في الحافلة السياحية، مراهقة يابانية صماء ووالدها (رينكو كوكوتشي و كوجي ياكوشو) حيث يتبين أن البندقية كانت ملكا للياباني وأهداها لأحد الرعاة المغاربة خلال رحلة صيد للمنطقة، كما تتغير حياة مربية أطفال مكسيكية برفقة طفلين أمريكيين عبرت بهم الحدود، وهذان الطفلان ابنا الزوجين الأمريكيين. وكانت المربية أرادت حضور زفاف ابنها لم تجد أحدا يجلس مع الصغيرين فتقرر أن تصحبهما معها إلى المكسيك لكن ذلك سيكلفها الكثير.
وتحدث الناقد الفاروق عبد العزيز عن ظروف إنتاج هذا الفيلم المختلفة، والتي تعد تكلفة قليلة بالنسبة للسينما في هوليود، لأنها تقدم أفكارا مختلفة عن الكلاشيهات الشائعة في هوليود، بالإضافة إلى التقنيات المختلفة سواء في التصوير أو المونتاج لكي يتم مزج هذه الأجواء المختلفة ببراعة، وبحيث يتم تشويق المشاهد لمتابعة المشاهدة لفيلم يتجاوز زمن عرضه الساعتين.
كما أشار إلى براعة المخرج في السيطرة على أداء الممثلين الذين تختلف ظروفهم حتى كممثلين، بين كون بعضهم نجوما كبارا مثل براد بيت وكيت بلانشيت، وبين ممثلين أقل شهرة مثل الممثلة اليابانية الشابة رينكو كوكيتشو (رشحت لأوسكار أفضل ممثلة مساندة عن هذا الدور)، وبين بعض الهواة، وخصوصا الأطفال الذين مثلوا الجانب المغربي في الفيلم، أو الجانب الأمريكي.
كما قدم الفاروق عبدالعزيز للجمهور فكرة عن المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزالس إناريتو موضحا أنه مخرج وكاتب ومُنتج أفلام ومؤلف موسيقي. ترشح لتسع جوائز أوسكار وفاز بأربعة منها. وهو أول مخرج يفوز مرتين على التوالي عن فئة أفضل مخرج منذ فوز جوزيف مانكيفيتس في منتصف القرن الماضي. يُعد أليخاندرو ثاني مخرج مكسيكي يحصل على جائزة الأوسكار لأفضل مخرج بعد ألفونسو كوارون في 2014. وهو أيضاً أول مخرج مكسيكي المولد يفوز بجائزة أفضل إخراج في “مهرجان كان” السينمائي، عن فيلم بابل في 2006.
واشار أن أفلامه الستة هي أموريس بيروس (2000)، و21 غرام (2003)، وبابل (2006)، وبيوتفل (2010)، والرجل الطائر (2014)، والعائد (2015) موضحا أنها حَصلت على مديح كبير من النقاد وترشحت جميعها لجوائز الأوسكار. وفي عام 2015، حصل أليخاندرو على جائزة الأوسكار لأفضل مخرج وأفضل نص أصلي وأفضل فيلم عن الرجل الطائر.
وقد أثار الفيلم نقاشات واسعة عقب عرضه من بعض الحضور مثل الكاتب الشاب وليد الزهيري، الذي تساءل وقدم ملاحظات عن التقنيات الخاصة والمختلفة لهذا النوع من الأفلام عابرا على بعض النماذج الشبيهة للفيلم. كما تدخل في النقاش الملحق الثقافي المصري الدكتور نبيل بهجت الذي رأى إنه رغم أهمية الفيلم والطريقة التي أراد بها أن يبدو مختلفا عن المنطق الهوليوودي السائد في النظر إلى العرب، لكن القائمين على إنتاج الفيلم أو صناعته، من دون أن يشعروا، قاموا باختيارات محددة، واختاروا “صدفا”، كوقائع محددة في الفيلم، لا يمكن النظر إليها بحسن النية كما قد تبدو، عبر اختيارات المؤلف للهامش الريفي العربي في المغرب، وهو نموذج للريف العربي عموما، إشارة ضمنية إلى نظرة الغرب وخصوصا أمريكا للعرب. مؤكدا أن ما يثير الانتباه أن القاتل الوحيد في الفيلم هو رجل الشرطة المغربي الذي قتل أحد الصبيين المغربيين المتهمين في مقتل السائحة.
لكن الفاروق عبد العزيز من جهة أخرى كان يرى أن الفيلم من الافلام القليلة التي تتبنى الدفاع عن الصورة النمطية للعرب، فلم تقدمهم كمجرمين واشرار، بل حرص الفيلم على إظهار نبل العرب رغم فقرهم، وكيف أن علاج الأمريكية التي تعرضت للرصاصة الطائشة وهم الذين حافظوا على حياتها بالرغم من قلة الإمكانات الشديدة. وبالتالي حاول الخروج من أسر الكلاشيهات النمطية، وهو الأمر الذي اتفق معه فيه الناقد شريف صالح الذي أبدى إعجابه بالتناول الفني المختلف للعرب في الفيلم. وقيام الفيلم بإدانة النظرة الأمريكية النمطية للعرب بوصفهم إرهابيين .كما أوضح أن الفيلم أكد على الصورة النمطية والعدائية لرجل الشرطة في مختلف الثقافات، مهما اختلفت درجة ثقافة أي منهم في تعامله مع القضايا.
كما أكد الكاتب إبراهيم فرغلي أيضا أن الفيلم يظهر كيف أن مفاهيم الرفاهية والسعادة قدمت بشكل مختلف حيث أوضح أن الفقر والرفاهية كما قدما في الفيلم مقارنة بين القرية الريفية في المغرب وبين الرفاهية في المجتمع الياباني قدم فكرة أن الحداثة والتقدم ليست بالضرورة تعني السعادة بل هي تتضمن ألوانا من التعاسة قد لا يعرفها المجتمع البدائي الفقير، وإن أبدى اتفاقه في جانب مما ذهب إليه نبيل بهجت ويختص بأن هناك إشارة إلى أن الجهل الذي يؤدي إلى الاستهتار بإعطاء الأطفال بندقية، ولكنه رأى في الوقت نفسه أن هذه الإشارة هي في الحقيقة تقدم واقعا نعرفه نحن العرب ويتمثل في حقيقة أن الإرهاب يرتبط بالجهل وقيم تتعارض مع المعرفة الجادة.
جدير بالذكر أن نادي السينما في المكتب الثقافي المصري ينعقد في الأحد الأول من كل شهر خلال هذا الموسم.