تربية الانانية بروازها متهالك | شفاء الوهاس
31 يناير 2021
0
53361

عندما كنا اطفالاً كنا مختلفين عن اطفال اليوم والاختلاف لم يكن بأختلاف الاشخاص ولكن كان بأختلاف التفكير وطريقة الحياة….

الاختلاف ربما كان ناتج عن ظروف الحياة حيث كانت مختلفه ومؤثرة لدرجة كبيرة فلم يكن لنا متطلبات كثيرة وربما البيئة التي كنا نعيش فيها والزمن مختلف كانت تكون شخصياتنا من الطفولة وتأثر على متطلباتنا فالحياة كاملة كانت مختلفه والاطفال كانوا متأثرين بهذا الاختلاف فلم يكن للطفل في زماننا احتياجات او بالاحرى لم يكن يعطى الاهتمام الكافي لتلبية احتياجاته فكان الاهل يربوننا على تنفيذ متطلباتهم واحتياجاتهم ،
فكبرنا ونحن نعيش في بيئة تربي فينا اننا نعيش لاجل الاهل وقد انجبونا للحياة لاجلهم وينتظرون منا ان نكبر ونرد لهم ما قدموه لنا. وظلينا طوال الطفولة نفكر فقط كيف نكبر ونسعد اباءنا .. لم نتعلم ان نعيش لاجل انفسنا. فتربى داخلنا حب الاهل والعائلة التي نعيش لاجلها ولذلك لم نشعر بالانانية قط.
في المنزل الوالدان يقولون عندما تكبرون تتغير حياتنا للافضل سوف تفعلون. وتفعلون لاجلنا ..
ولم يقولون لنا تكبرون لاجل بناء انفسكم …

وفي المدارس تعلمنا اننا سوف نكبر لاجل خدمة الاهل وبرهم. وحب الوطن وخدمته. فعشنا طفولتنا المبكرة ونحن نسعى لهذا الهدف خدمة الوالدين والوطن. وان الطريق الصحيح للوصول لهذا الشي هو التمسك بالدين. والتسلح بالعلم.

وعندما كبرنا وجدنا انفسنا نفكر في الحفاظ على مابداخلنا من افكار. وضعنا الاهل والوطن داخل برواز. ومشاعرنا تحيط بذلك البرواز وتعمل على المحافظة عليه. الى ان اكتشفنا اننا وصلنا لاخر العمر ونحن خارج ذلك الاطار .. كل من نحبهم وضعناهم بالداخل ونسينا انفسنا بالخارج نعمل ونكافح لاجل من هم داخل البرواز ونحيطهم بالحب والاهتمام.
ونجاهد لاجل الدين والوطن. وتكونت شخصياتنا مشابهه لاباءنا ؛
وفجأة كبرنا ونحن نحافظ على ابناءنا ونحيطهم بكل الوان الحب….
وظلينا نسعى ونسعى وادخلنا الابناء داخل ذلك البرواز. واحطناهم بالرعاية والاهتمام نفس مافعلناه مع اباءنا وكنا نضن ان ذلك هو الحل الامثل.
وعندما كبرنا وخارت قوانا اكتشفنا ان البرواز بدأ يصدأ ويتهالك. وان اجسادنا وقواتنا بدت تخور وتضعف ،
ولكن لم نجد انفسنا داخل ذلك الاطار ومحاطين بمن يهتم بنا ويرعانا، لاننا ظلينا نهرول ونهرول ونسينا ، ان نزرع في لابناء مثل مازرعه
اباءنا فينا ، ولم نشعرهم يوماً بأننا انجبناهم ورعيناهم واحطناهم بكل الرعاية والاهتمام وننتظر رد الجميل ،
وظلينا خارج الاطار ننتظر منهم ان يحيطونا ببرواز من الحب والاهتمام عندما تنتهي مهمتنا ، وبقينا نعمل في صمت ونقول الحياة تعلمهم وسوف يمشون على طريقتنا. ونسينا ان الحياة نفسها تغيرت بتغير الظروف المعيشية والبيئية.

وعندما كبر الابناء كانوا قد تعودوا على عكس ماتعودنا عليه وخرجوا من الاطار يبحثون عن الاستقلالية ومواكبة العصر الحديث والاعتماد على الاجهزة الكترونية كبديل لنا في تلبية متطلباتهم فكل شي اصبح لديهم بضغطة زر. ولم يعد هناك احتياج للاباء. وانطلقوا يحلقون في سماء الانفتاح والسعي في ايجاد المال ليلبي لهم احتياجاتهم بطرق سريعة ، كما كانوا وهم صغارا محاطين بمن يلبي احتياجاتهم دون عناء ، واصبح البديل موجود مدام هناك وقت وعقل يستطيع فك شفرات اي نظام يصلهم لمبتغاهم ، وهكذا اخرجنا للحياة جيل اتكالي بداية من الاعتماد على الاهل ونهاية بالاعتماد على الانترنت والاجهزه الذكيه وتبرمجت عقولهم عليها ؛ واصبح التفكير كله منصب في كيف يحققوا سعادتهم من خلال ذلك دون التفكير في اي شخص اخر وكأنهم روبرتات تبرمجت على تلبية الاحتياجات بلا شعور ولااحساس ، واصبحت حياة الطفولة وذكرياتهم لاتعني لهم شي ،
فهم كبروا ووصلوا لمرحلة الانانية وحب الذات. حصلوا على كل مبتغاهم في الصغر من الاهل. وفي الكبر بالاعتماد على الذكاء الالكتروني فتجدهم يقضون كل وقتهم واهتمامهم امام تلك الجمادات وعندما تسأل احدهم عن احد اقاربه لايتحرج ان يقول. لا اعرفه
هكذا ربيناهم على جانب الاعتماد الكلي واهملنا الجانب الانساني والعاطفي وهانحنا نعيش مع اجساد وعقول فقط بلا مشاعر وبلا مبالاة ..
ونحن خارج البرواز المتهالك ايضاً.

الكاتبة : شفاء الوهاس

‏@SAlwhhas


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com