تصالح مع هروبك | فرح اللحياني
12 أغسطس 2020
1
67023

يدخل إلى حياتنا أشخاص، ومع مرور الوقت، وكثرة المواقف التي تجمعنا بهم، نجعلهم في تلك الدائرة المقربة لنا، التي قد تتجاوز دائرة الأهل ليصبحوا المقربين لأرواحنا، أولئك الذين يعلمون بذنوبنا قبل حسناتنا، وقد نجعل لهم صلاحيات الاطلاع على أسرارنا وقصصنا الخاصة، ليس طيبة ولا سذاجة منا، ولكن تُقنعنا اقنعتهم التي يرتدونها في كل مرة ونصدق اهتمامهم واحتواءهم.
وفي تلك اللحظة التي يملؤها هدوء وأمان الكون كله، نسلم لهم كل ما تبقى من مشاعرنا واسرارنا ونضعها بين أيديهم لنجدهم في أهبة الاستعداد ليطعنوا قلوبنا بنفس الثقة التي وهبناها لهم طوعا ورضىً منا، والمؤلم أننا حين نخبرهم أن ما فعلوه مؤلم، يعاودون الفعل مرات عديدة، وفي كل مرة تجد نفسك تنظر لهم تلك النظرةَ التي يملؤها الامل بأنهم سيشعرون بك وبألمك وجرحك، ولكن لا حياة لمن تنادي!
وتجد نفسك على مفترق الطرق لا تعلم هل تنتظر أملاً يشرق وتكمل السير مع من أصبحوا الأقرب إلى روحك، أو تسلك مسلكاً يقودك إلى المخرج وترحل دون ان تقدم أي تبرير!
الأغلب سيتفق على أن الرحيل بعد تعدد الفرص هو الحل الأنسب مع من لم يستشعر مدى الألم الذي يخلفه بسبب افعاله.
لكني لا أتفق مع هذا الحل الذي سيراكِم المشاعر والعواطف، ويجعلنا غير مستقرين مهما حاولنا، لماذا نرحل دون تبرير؟ دون ان نضع حداً ونهايةً تليق بالثقة التي وضعناها في المكان الغير المناسب وللشخص الذي لا يستحقها؟ جاهدنا على مدى أيام وأسابيع لكي نحافظ على هذه الثقة، والتي استخدمت بكل برود ضدنا أليس من المنصف ان نستخدم ضعف ذلك الجهد للمواجهة؟
تلك المواجهة التي ستكون تقديراً لمشاعرنا ولثقتنا التي وضعناها بيد ذلك الذي أبدع بارتداء الأقنعة، وأقنعنا أنه جدير بها، وحين نالها جردنا من كل الغموض، فأصبحنا في حضوره مثل ورقة تلهو بها الرياح دون أي مراعاة لضعفنا وقلة حيلتنا، فالإنسان الذي تُسلب منه أسراره ومشاعره وحكاياته، يعود غريباً في أرضه بلا هويةٍ ولا كيان.
لذا سنضع حداً لهذا الضعف، وسنستعيد ما سُلِب منا بنفس الجهد الذي استخدمناه حين قدمنا التنازلات، وحين وضعنا أرواحنا بيد ذلك الصديق المزيف الذي لم يراعي ثقتنا فيه.
قد يكون الأمر صعباً بعد أن أصبح مطلعاً على كل دواخلنا التي لا نشاركها أحد، وقد أقنعنا بأنه سيكون الصندوق السري وأمين الأسرار الذي لا يطلق الأحكام، بل فقط سيكون الصديق المؤتمن على روحك.
رغم صعوبة الموقف ولكن لابد من وضع نهاية لهذه الأمور التي ستظل تخيم على هذه العلاقة وايضاح وجهات النظر فقد يرى ما فعله عفوي ولم يقصد به جرح مشاعرك أو ان تشعر بما تشعر به، لذا لابد من وضع النقاط على الحروف لتعيش دون خوف أو قلق أو فقدان لهويتك وشخصيتك وتحافظ على قوتك في هذه العلاقة.
وليكون الفراق بسلام وحب مهما كانت الأسباب، لنتعلم أن نودع بعضنا في نهاية العلاقة برقي وحفاظ على كل جميل، ليس هناك سبب يجعلنا نترك خلفنا جراحاً مفتوحة، أو أبواباً مشرعة للمتسللين اللذين سيحاولون نثر الملح فوق الجروح التي تركت مفتوحة، ويكونوا دعاة للفتنة ولإثارة المشاكل، لنكون أقوياء في الرحيل كما كنا في اللقاء، قد يكون ما اطلبه صعب جدا ولكنه سيحمل لقلوبنا سلام نحن في حاجة له أكثر لكي تندمل الجروح ونعيش بلا ألم.

 

فرح اللحياني

@s_ro7i


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com