قال صلى الله عليه وسلم الأرواح جنود مجندة ماتعارف منها ائتلف وما تناكر منها إختلف …
ومما فسر فيه البعض أنه إشارة الى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد. وأن الخير من الناس يحن إلى شكله والشرير يميل إلى نظيره. وقيل فيه أيضا أنه ربما الإخبار عن بدء الخلق في عالم الغيب على ماجاء من ان الارواح خلقت قبل الأجساد وكانت تلتقي فتتشائم , فلما حلت بالأجساد تعارفت بالأمر الأول فصار تناكرها وتعارفها مبني على العهد القديم. إذن فهو ربما يدل على التنافر أو التحابب في أصل الخليقة.
كما قيل أن المتنافرين ربما إئتلفا لاحقا إذا ألتقى في الدنيا لأنه مبدأ التلاقي أو ربما تغير الحال كإيمان كافر وإحسان المسيء.
والذي أثار داخلي هذا الحديث والتقلبات هو رؤية لسان حالي حينما أستشعر القرب العجيب من أشخاص وأشعر بالغصة التامة إزاء أخرين … حدث لي في إحدى أسفاري أن قابلت شخصا وجدت منه مايؤذي شخصي دون سبب فتجنبته …. ثم تدور الدوائر فأجدني ألجأ إليه ويفأجئني بكريم طبعه وأصالته … ووجدت بين كتبي الكثيرة والمبعثرة التي لم تصلها يدي بعد كتاب يحمل عنوان (تلاقي الأرواح) فأنسه قلبي وقررت البدء فيه …. فوجدته يحوي مضمون التخاطر وكيف يراودك شعور أو تتذكرحدث أو شخص أو ماشابه ما فتجده كائنا متمثلا أمامك … ويتحدث الكتاب عن عمق الروحانيات في ظل تآلف الارواح قبل الأجسام … ليس من الروحانيات المبتدعة في زماننا وإنما صفاء القلوب وطيب النوايا .
فأجدني دائما أستنجد بالقران والسيرة النبوية لعل فيها مايفسر المكنون… فلم أجد أجمل من الحديث السابق الذي تناول في سياقه الجموع المختلفة من البشر وتعارفها لأمر جعله الله بينهم . فتتشابه صفاتهم وتتناسب السجايا وتكاد تتماثل في الشيم لأن الأرواح هذه خلقت مجتمعة ثم فرقت في الأجساد المختلفة …فمن وافق بشيمه أئتلف ومن أختلف تنافر وذهب إلى مثيله …فيميل الأخيار إلى الأخيار والأشرار إلى الأشرار … وهذه بعض من التفاسير ليس إلا .
ومنها الحب العذري الذي ينشأ هادئا .. لاتشعر به يجتاحك هينة هينة … هو تآلف يصيب قلبك وروحك مع شخص أخر فتتعارف وتأنس إليه .. فتشعر به وتحلم به وقد يزداد الترابط فيقرأ أفكارك وتقرأ أفكاره … وتقول مايريد قبل أن يسألك … وترتدي الألوان ذاتها دون سابق إتفاق عليها … وتتناول وتختار ماتريد فيضع يديه على نفس الإختيار فتبتسمان ….وتفكر فيه وتظن أنه مشغول عنك لتجده يراسلك يبحث عنك وأنه تائه من دونك … هي قصة بلا عنوان هي قضية ليس لها أوجه خلاف سوى أنه يجتاحك عنوة وخلسة … إنها لغة القلوب حين تتلاقى ولغة القلوب حين تتنافر..
ولعل أحد أسباب التقاء روحك مع روح هذا الإنسان
هو التقاء الصفات الموجودة لديك وتشابهها مع الصفات الموجودة فيه
وتلاقي الأرواح ليست مسألة علاقة عاطفية أو حب بين اثنين
إنها أكبر من ذلك بكثير..
قد تبدأ بمسألة إعجاب لكنها تتطور
لتصبح علاقة سامية بعيدة عن الأغراض الدنيوية الزائلة وهناك قاسم مشترك مفقود داخل قلوبنا إنه قاسم الروح ..
نظن أننا افتقدناها فإذا بنا ودون موعد مسبق نجدها أمامنا..
حينما تلتقي فجأة بتوأمها الاخر أين ؟ ومتى ؟ وكيف ؟ لا يهم..
المهم أن يلتقيا على الحب والخير بإذن الله.
هو كذلك .. فلا تتردد ..
بقلم د. نادية بخش
This site is protected by wp-copyrightpro.com