ثقافة الموت | د. ندا الزايدي
05 يوليو 2020
5
152262

 

نعلم جيدا أن لكل أجل كتاب، ونؤمن بأنه سيدركنا الموت ولو كنا في بروج مشيدة. ورأينا أيضا كيف تعددت الأسباب والموت واحد!.

نجزع و نتألم للفقد ولا نزال نخشى الموت.
اتضحت هذه المعالم أكثر مع اقتراب الوباء إلى بيوتنا.
كنا نراه خلف الشاشات ونحسب أننا نتألم لفقدهم، لكن ما إن دنا منا حتى اختلطت مشاعرنا.
أصبحنا متقوقعين على أنفسنا، وأعدنا ترتيب الأولويات،
اكتشفنا أهم أناس في حياتنا، وأصبحنا نخشى فقدهم.
أصابنا هوس التعقيم، وسيطرت علينا نظريات المؤامرة
أصبحنا نتباعد جسديا وعاطفيا.
نتخيل في كل لحظة شبح الموت ونرجوه ألا يقترب.
أليس نحن من يؤمن بأن لكل أجل كتاب ؟
أم أن الاعتقاد لا يترسخ إلا بالتجربة؟!
لازلت أتذكر وجه الطفلة اللاجئة البريئة الجميلة في أحد المخيمات وهي تحكي أن أباها،أخاها، عمها و زوج عمتها ماتوا في الحرب وهي محتفظة بابتسامتها على وجهها.
إن ثقافة الموت ليست قراءة او اعتقادا.
إنها تجربة
إنها حياة.
من جربها وعاشها ليس كمن سمع عنها أو رآها من خلف الشاشات.
نؤمن بحقيقة الموت كبشر لأن أحدا لم يخلد بعد.
ونؤمن بالراحة بعد الموت حسب اعتقاداتنا الدينية، حتى أننا نحسد الميت الذي مات على فراشه ونبدأ نحكي عن علامات حسن خاتمته.
ونحسد الميت الذي تعذب في موته ونحسبه شهيدا وأن ذنوبه قد كُفِرت وسيلقى وجه ربه طاهرا،
ثم نأتي وبكل سذاجة ونخشى الموت مرة أخرى!
أليس كل من عليها فان؟
ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام؟!
أم أننا نشعر بالذنب في أننا قد نُنهي حياة من نحب إذا نقلنا إليهم العدوى؟

ها نحن نحمل أنفسنا مالنا طاقة لنا به!
فقد جفت الأقلام ورفعت الصحف
وماكان مقدرا سيكون وإنما نحن مجرد أسباب
( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت)
فالأولى ان نفكر ماذا قدمنا لأنفسنا ولمن نحب في هذه الدنيا
وإن كان لنا بقية عمر، أن نحسن صنعنا ونستشعر بقرب النهاية
ليس تشاؤما
ولكنه قول الأثر : كفى بالموت واعظا!
يجب أن تتغير لدينا ثقافة الموت حتى تصبح حياتنا أفضل

اللهم أجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك

د. ندا الزايدي
الطب النفسي

 


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com