حسرة النفس مع الرحيل ….
17 أبريل 2023
7
35046

 

 

كغمضة عين أقبل علينا بنفحات روحانية
حلقت بنا لأفقٍ مريح أحاطت بنا من كل جانب سكينة وانتثر على الأرواح
شغف الوصول إلى أعلى درجات السباق في كل طاعة
وتسللت لأرواحنا المنهكة نسائم إيمانية عالجت كل ذاك
السقم والوهن
كل ما كنا به من راحةٍ وسكينة
خُطف منا بلحظة إعلان رحيله
ما أسرع رحيلك يا شهر الخير
يا شهر السكينة …
يا شهر الرحمة …

إنها أيام معدودات
وعدها أسرع من استيعابها
فماذا ادخرنا من بركتك ؟
وماذا تعلمنا من عظمتك ؟
وماذا كسبنا من قيمتك ؟

وهل كنا ممن فازوا بهذه الأيام المعدودة بتلك الكنوز التي تضمنتها لياليك وأيامك ؟

وهل تطهرت أرواحنا التي أثقلتها الحياة المادية والعصرية من نفحات طهرك ودواء لحظاتك ؟
وتنورت بصيرتنا على كل ماحولنا فأدركنا أن الروح تحتاج لتطهير بوجودك فأغدقنا سيل السماح على أرواحنا فتناسينا كل ما حملناه لغيرنا بهذه القلوب
وسامحنا من أساء لنا ونتج عن هذه الإساءة قطيعة وضغينة
هل تطهرت أرواحنا من كبر التواصل فسألنا عمن لا يسأل عنا
وخطت لهفتنا لزيارة من غبنا عنهم أوقاتٍ طويلة
وجبرنا قلوبٍ أوجعتها مواقف وكلمات ظنناها عابرة بالنسبة لنا وكانت لهم خناجر مسمومة
هل سمونا بحقيقتك يا شهر الرحمة والسكينة فرأفنا بالمحتاجين وبحثنا عن المتعففين وساهمنا في تفريج المكروبين ؟
أم زادت في قلوبنا ظلمات على كل حقيقة
هل وهل وهل ؟
واسفاه إن كانت الإجابة بالنفي أو بعدم المعرفة
فهذا يعني أننا عاملناك يا شهر الخير ومن بك ليلة القدر خير من ألف ليلة كغيرك من الشهور التي تسرق منا أعمارنا ونحن ننساق لهاوية الضياع دون احساس بدفة العمر وهي تمضي للأمام بسرعة فائقة
لتُنهي مدة اعمارنا
فهل كنت يا رمضان إلا شهر للسهر والعزائم والتسوق وتغير أثاث المنازل والتنافس على شراء ملابس خاصة بك ثم تجهيز ملابس العيد واغتنام أكثر وقت للسهر أمام حلبة السباق في كل ما يُعرض من مسلسلات وبرامج تلفزيونية
وبالتأكيد كان لأجهزتنا الذكية حظاً أكبر في تصفحها واغتنام الوقت في كل هذا العالم الإفتراضي
وغيرها من الطقوس التي اخذتنا من حقيقة اغتنامك
واسفاه على انفسنا
وما نحن فيه من غفلة
ومن جرم ٍفي حق أنفسنا
وارصدتنا ما حالها يا رمضان ؟
نعم اننا مفلسون !!!
وياله من افلاسٍ حقيقي
وليس بعده مكسب
هاهو رمضان على اعتاب الرحيل
ولا نعلم على من سيعود
فكيف سنعوضه إن لم يعد علينا
وكيف نملأ ارصدتنا التي افلسناها بغفلتنا ؟؟

إني لأسأل نفسي كل ما قمتِ به في هذه الايام والليالي المباركة ألم يكن هناك فرصة لعملها بعد رمضان ؟
واغتنام شهر وحيد بالسنة في نماء رصيدي ؟

فلنسأل انفسنا جميعاً ماذا قدمنا لأنفسنا في هذا الشهر ؟

وهل استطعنا أن نزيد من ارصدتنا عند الله في هذا الشهر الكريم
كما نتسابق لزيادتها في حساباتنا في البنوك في الدنيا ؟

انها غفلة النفس التي اصبحت تزداد مع الوقت اكثر
واصبحت رحيل الروح عن سكينتها تظهر في تفاصيل يومنا
وعدم التفكير في سرعة قطار أعمارنا وقرب محطة انتهاء رحلتنا
يالها من غفلة يا نفس عنك وعن ما يفيدك وقت الحساب يوم الدين

افيقي يا نفس عن هذه الغفلة فناقوس الخطر يدق بصوت مرتفع
انزعي الغشاوة وامنعي ذاك الصوت الذي طالما مناكِ بطول الأجل وأنه مازال في الوقت بقية !!
ومازال العمر طويل لنعمر ارصدتنا بالطاعات
فهل لدينا ضمانة للبقاء ؟؟

لا نملك غير الرجوع سريعاً لعلنا نستطيع أن نغتنم من الاعمال الصالحة ما تكون لنا نجاة في يوم لقاءنا برب عنده كل صغيرة وكبيرة عن ما عملناه في حياتنا وحتى على نوايانا التي كانت بيننا وبين انفسنا
يا نفس أن تحسني العمل في استقبال شهر الخير فأحسني وداعه لعلكِ تكونِ ممن تُرفع اسمائهم من المعتوقين من النار ..

 

 

د. وفاء ابوهادي  

مستشارة اعلامية وكاتبة 

مدرب معتمد ….


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com