حياتك قيّمة
27 أغسطس 2021
1
72171

 

تتعاظم قيمة ممتلكاتنا بحجم سعينا للمحافظة عليها. وعليه لا أرى ماهو أكبر قيمة من حياة الإنسان، مقرونةً بقيمة حريته المطلقة.

من أعظم الشواهد على ذلك تلك الجائحة القبيحة التي اجتاحت العالم و بطشت بسياساته، عبث تام بموازين الصحة والاقتصاد وإلى آخره! مشاهد مؤلمة لصراعنا على البقاء، تجلت من خلالها غرائزنا البدائية في السعي للبقاء. تحولنا (قارات، اتحادات ودول) إلى ذلك الراعي المسئول عن رعيته و تضيق الدائرة إلى مستوى الفرد و صراعه للبقاء مهما كلف الأمر.

ولكن، ماهي التكلفة الحقيقية للبقاء؟ ما ثمن حياتك؟ أم أن حياتك لاتقدر بثمن!

 

دعنا نتساءل؛ ماذا لو تضاءلت هذه القيمة الباهظة إلى الصفر! إلى اللا قيمة على الإطلاق!

ماذا لو تحول رأس المال العظيم إلى عبء أو مشروع مجهول النفع؟!

ماذا لو ألحت فكرة الخلاص!

 

٧٠٠٠٠٠ إنسان يقدمون سنوياً على إنهاء حيواتهم، وبالمقابل هنالك محاولات كثيرة تقابل كل حالة وفاة بالانتحار. في عام ٢٠١٩، تم تصنيف الانتحار كرابع سبب للوفاة في الفئة العمرية مابين ١٥ – ٢٩ عاماً. والجدير بالذكر أن مايربو عن ٧٠٪؜ من هذه الحالات تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل!

 

جرى الفهم العام على قصر ربي الانتحار بالاضطرابات النفسية ولامجال للشك في بعض صحة هذا المفهوم. ولكن القائمة تطول، فالعلاقة المسمومة بين الانتحار والاضطرابات النفسية كالاكتئاب والتعاطي قد تطول وتتجاوز ذلك شاملةً اضطرابات الشخصية و كل ما يدعوا لليأس والاندفاع؛ مثل الصدمات الصحية، الاقتصادية والعاطفية؛ الفقد، النزاعات، التنمر، واختلافات الهوية الجنسية أو الفكرية عموماً.

 

إذاً، مالذي يمكنك فعله للتعامل مع هذا القدر من اليأس والإحباط!

أعتقد وعلى أضعف تقدير، إذا لم تكن تعاني من هذه المشكلة أو كنت لا تستطيع المشاركة في حلها فبإمكانك ألا تكون جزءاً من أسبابها!

 

أما إن راودتك يوماً فكرة التخلص من حياتك (عابرة كانت أم ملحة) فابدأ بالتحدث عنها لمن وضعت فيهم كامل ثقتك. وأما إن اعتقدت يوماً بأنك وحيد، وأن ليس هنالك من يستحق ثقتك ومساعدتك فلتعلم أننا كمختصين كلنا آذان صاغية وكلنا شغوف بمساعدتك وملتزمون تمام الالتزام بكامل الحيادية! لا أحكام مسبقة ولا تمييز.

 

تواصل معنا، قم بزيارتنا في أقرب منشأة صحية (نفسيةً كانت أم عامة)، اطلع على سلة حلولنا وتحدث معنا. فقط تحدث!

 

الفقد مؤلم ، والانتحار فاجعة قد يمكن التنبؤ بها. فوجود محاولات سابقة ينذرنا بخطر المحاولات المستقبلية! ما لم يتم الاستعانة بالمختصين. وقس على ذلك؛ فقدان الأمل، ملامح اليأس والتغيير المفاجئ والغير متوقع في سلوك الأشخاص.

 

الاستماع الجيد والتعاطف الصادق قد يفتحون لنا صناديقاً مغلقة، قد يحفظون حياةً. أنصت جيداً بلا تحيز أو تمييز.

التقبل التام، بغض النظر عن حجم الاختلافات قد يحفظ حياةً أخرى.

الحياد المطلق مطلب أساسي، احذر دائما فمن المحتمل أن يكون جوهر وعظك و وعيدك هو منبع يأس من تكترث لأمره وتسعى لمساعدته والإبقاء على حياته. لا تمنعهم بذلك من طلب المساعدة!

 

على أقل تقدير، هنالك من أنهى حياته كل ٤٠ ثانية، والإحصائيات قد تكون مجحفة لأسباب تترأسها وصمة المرض العار المدفوعة بالمعتقدات أو التبعات القانونية.

 

عزيزي؛ الحياة ليست ورديةً. الحياة بطبيعتها مزيج من تناقضات لا تعد ولا تحصى. آلام و آمال، أفراح و أتراح، ضحكات ودموع! نحن نتأرجح بين هذا وذاك.الأسى واليأس مؤلمان؛ ولكن لولا ظلام الليل لما تذوقنا بريق النهار.

إنهاؤك لحياتك لن ينهي معاناتك، بل سيفتح أبواب الجحيم على محبيك و المكترثين لأمرك!

 

عزيزي الناصح الأمين؛ لأنك محب و تكترث فقد تعتقد عبثاً بأن سؤالك عن رغبة الانتحار من الممكن أن يعزز تلك الرغبة أو أن يعجل بها! وهذا خطأ جسيم، فالسؤال بتعاطف وذكاء قد يفتح تلك الصناديق المغلقة ومن المرجح أن تنقذ بسؤالك تلك الروح التائهة في تقلبات الحياة.

 

تذكر دائماً بأن الم الفقد أقوى بكثير من حرج السؤال. لا تنتظر خسارتهم حتى تعرف قيمتهم.

 

عزيزي التائه، مد يدك ودعنا نتشارك الحياة، فالمشاهدة فقط لاتليق بروحك القيمة.

 

د. فيصل الحويطي

أخصائي الطب النفسي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com