صفح مشروط! | فرح اللحياني
13 يوليو 2020
0
135333

كل انسان معرض للعثرات وقد تزل قدمه ويقدم على خطأ لم يكن في يوم من الأيام يتوقع ان يقع فيه، ولكن تشاء الاقدار ويكبو الجواد كبوته التي قد تزلزل أركان العالم من حوله، قد لا يكون هناك مبرر مقنع لهذا الفعل وقد يغرق الانسان في هذا الخطأ الذي سيرفضه هو قبل الكل ولكن لا ذنب دائم ولا حال مستمر، سيستيقظ الضمير الذي غفى وجعل هذه العثرة ممكنه رغم استحالتها، سيعود من ضل طريقه الى صوابه وسينقذ ما يمكن إنقاذه سيجمع شتاته ليعود لنفسه ويعود لمن حوله، سيقدم الاعذار والاسباب التي قد تكون واهيه ولن تكون مبرره لكبوته التي ستظل نقطة سوداء في حياته وقد لا ينساها من حوله، نعم سيقبلون منه الاعتذار والمبررات التي لم تقنعهم ولكن ستظل في ذاكرتهم فعلته تلك.

وما يؤلم حقاً ان هناك اشخاص سيجعلون هذا القبول معروف لابد ان يحمله على عاتقه وان يظل يتذكره دائماً، وقد يحاول بعض الأشخاص الذين يعشقون تحطيم من حولهم واعادتهم الى نقطة الصفر بتذكيره بذلك الذنب الذي تم الصفح عنه.

يتبادر الى ذهني لماذا نصفح عن الاخرين ونقبل اعذارهم ومبرراتهم وعودتهم الى حياتنا ونحملهم هذا المعروف؟ لماذا جعلنا هذا الصفح مشروط ولابد ان يذكر؟ لماذا لم يكن مجرد فرصة جديدة للبدء من جديد؟ لماذا لم تكن بمحبة وحسن نية منا للطرف الاخر لكي ينسى فعلته دون منةً منا او حمل معروف ليس بالأساس معروف يذكر؟

فمن منا لا يذنب؟ ومن منا من لا يسعى لِصفح الاخرين عنه؟ وهل نتمنى ان يكون ذلك بشروط او ان يتم تذكيرنا بذلك؟ وان اخذنا نفس عميق وتساءلنا بيننا وبين أنفسنا ما هو السبب الحقيقي الذي يجعل المذنب يعتذر لنا عدا شعوره بالذنب؟ لوجدنا ما دفعه للاعتذار وتقديم المبررات انه يرانا من اهم الأسباب لعدم العودة لذلك الخطأ، يرى اننا لا نستحق ان يخطئ بحقنا من جديد فبالتالي هو ليس بحاجة لتحميله هذا المعروف وليس بحاجة ان نذكره بذنبه الذي قد اعترف به.

ولنعترف اننا حين قبلنا ذلك الاعتذار وذلك المبرر الغير مقنع اننا بحاجة وجوده بحياتنا وأننا مرتبطين به أكثر من ارتباطه بنا، أضعف الايمان نحن بحاجة ان نكون متصالحين معه ومع أنفسنا ومع الاخرين، فلا أحد منا يرغب ان يبقى في دهاليز الضغينة والاحقاد والاحزان لذا سنسعى بشتى الطرق ان نتجاوز عن عثرات الآخرين.

وان أردنا انحمل بعضنا معروف يذكر فليكن بعيداً عن هفواتنا وكبواتنا التي في اغلب الأحيان تكون بسبب النفس الامارة بالسوء وبسبب زيغ قلوبنا التي لا سيطره لنا عليها، وحين يخطئ عزيز او صديق لنمد يد العون دون شروط، لأننا قد نحتاج صفحه حين نخطئ دون أن يكون ذلك منةً منه أو فضل يذكر.

قد يكون ما كتبته هنا مجرد فلسفة او مجرد وجهه نظر ولكن اعتقد اننا بحاجة لتغيير مفهوم المعروف بيننا ولنجعل باب الصفح عن الأخطاء غير مشروط ولنجعل قلوبنا تعفو عمن حولنا دون ان نحمل بعضنا معروف ولنتجاهل هفوات الاخرين لكي يتناسوا هفواتنا حين نقع فيها.

 

فرح اللحياني

@s_ro7i


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com