بقلم: طارق مبروك السعيد
شهدت أروقة الحرم المكي في الآونة الأخيرة انتشارًا ملحوظًا لظاهرة انشغال بعض المعتمرين بالتقاط الصور و”السيلفي” أثناء الطواف، أو قبله وبعده، مع طلب المساعدة من الآخرين لتوثيق لحظات الإحرام وإرسالها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من أن الاحتفاظ بصورة تذكارية في أطهر بقاع الأرض أمر مفهوم وجميل، خاصة لمن تكبدوا عناء السفر وقد لا تتكرر لهم زيارة أخرى، إلا أن انعكاسات هذا السلوك باتت تثير القلق.
فالتوقف المفاجئ داخل المطاف من أجل التصوير يؤدي إلى إرباك حركة الطائفين، ويعرض كبار السن والنساء والمرضى للأذى، خصوصًا في أوقات الذروة ومواسم رمضان والحج. كما أن تحويل لحظات العبادة إلى مشاهد استعراضية يفتح باب الرياء، ويشوّه مقصد النسك القائم على الإخلاص والتجرد لوجه الله تعالى.
قال الله تعالى: {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}،
وقال رسول الله ﷺ: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، وهو الرياء.
إن العبادة حين تتجرد لله تزدهر روحها ويعظم أجرها، أما حين ترتبط بإظهار الذات وطلب الثناء، فإنها تفقد قيمتها، وربما تكون سببًا في ألم من عُدم القدرة على العمرة لمرض أو ضيق حال، فضلًا عن تعرض صاحبها للحسد والعين.
من هنا، يتجدد الرجاء لكل من شرفه الله بزيارة بيته الحرام أن يحرص على أداء نسكه بعيدًا عن الملهيات، وأن يقدّم قدسية المكان وحرمة الطواف على رغبة التوثيق. فالصورة يمكن تأجيلها، أما لحظة العبادة الصادقة فلا تتكرر..!
نحتاج لنشر ثقافة الوعي: فأداء العبادات والنُسك في السر حتما أجرها كبير .. والتباهي أمام الناس قد يحبط العمل.
This site is protected by wp-copyrightpro.com