عبقر يفتتح عامه الجديد بأمسية شعرية لمحمد يعقوب
05 أكتوبر 2016
0
80784

ش ا س :
في ليلة جداوية وسط حضور امتلأت بالمثقفين والمثقفات يتقدمهم الناقد الدكتور عبد المحسن القحطاني ورئيس أدبي جدة الدكتور عبد الله بن عويقل  السلمي وبعض أعضاء مجلس الإدارة قصّ أمس الثلاثاء الشاعر محمد إبراهيم يعقوب افتتاحية منتدى عبقر بأدبي جدة في عامه الجديد بأمسية اجتمع فيها الإبداع مع النقد وتليت آيات الشعر في محراب عبقر حيث سرد مدير الأمسية الشاعر خالد الكديسي نتفا من السيرة الذاتية والشعرية للفائز بجائزة محمد الثبيتي الشاعر محمد إبراهيم يعقوب ثم الشاعر أحمد قران الزهراني ورقة نقدية انطباعية عن مجمل شعر اليعقوب والتي اسماها ” ليس يعنيني كثيرا.. شعرية اللغة والصورة”الشعر لغة أخرى تتخلق خلقا جديدا لدى الشعراء، والشعرُ مخرجٌ من مخرجاتِ الروحِ، وقد كان الشعرُ صورةً نهائيةً للجمال عند العرب، ولذا أودعوه كثيرا من الفنونِ الجميلةِ الأخرى، وأولُ هذه الفنون الموسيقى التي حرص العربُ على انسجامها في الشعرِ حرصاً شديدا، ثم الصورةُ الشعريةُ التي توازي لوحةً تشكيلية بكل تفاصيلها وأبعادها.
إن العلاقةَ بين الشعر والخيال علاقةٌ وطيدةٌ، ” فالشعر بما هو لغةٌ هو حركةٌ صوتيةٌ يتجسدُ فيها الخيالُ، وفي الشعرِ ينفتحُ الوجودُ، فيتخذُ حالةَ الظهورِ الكاشفِ للكينونة الحقيقية. الشعر أداة لتغيير مناخ الأزمنة وتضاريس الأمكنة يحيلها من الجمود الى الحركة ومن البرودة الى الدفء.والشعر في منتهاه أسئلة جوهرية للوجود يستكنه علاقة الحضور بالغياب، المجهول بالمعلوم، الثابت بالمتحرك.إن أحداً لا يعرفُ قيمةَ الكلمةِ أكثرَ من الشاعر، فهو لا يُجِلُّ الكلماتِ لقيمةِ موسيقاها فحسب، بل لأنها تجعلُ للشاعرِ مساراتِ حيويةٍ متعددةٍ، تتسم بقيمٍ نبيلةٍ وتتخلقُ معها روحٌ أخرى تنظرُ للحياةِ على أنها كينونةُ الانسانِ المتوازنةُ التي جيب عليه أن يعمرَها بالحب والخير والجمال.لقد عرف المتلقي الحديث أشكالا من الشكل الشعري تمثل في العمودي ذي الشطرين والشعر الحر أو ما اتفق عليه قصيدة التفعيلة، ثم قصيدة النثر، ومع تلك الاشكال كلها لا يمكن ان يكون التغيير في شكل القصيدة هو المعيار على  حداثة النص، دون أن يصاحبه تغيير في المعاني واللغة السائدة، وهذا ما تتكئ عليه تجربة محمد يعقوب التي أخذت في بداياتها شكل القصيدة العمودية لكنها كانت تحفل بلغة حديثة وصورة شعرية متجددة، وحينما انتقلت هذه التجربة من الشكل الكلاسيكي ” العمودي ” التي لم تمهل حداثة اللغة وبكر الصورة الشعرية حتى وإن كانت في شكلها العمودي..انتقل الشاعر في ديوانه الأخير الى التجربة الشكلية الحديثة المتمثلة في قصيدة التفعيلة وسرديتها وبصورة شعرية مغايرة، وهو بذلك يؤكد في هاتين التجربتين الشكليتين أنه لا يرتكن الى المسمى لهذا الشكل أو ذاك بقدر ما يرتكن “الى شعرية اللغة والأسلوب الفني المرتبط بالمضمون”.ما يميز الجيل الذي ينتمي اليه محمد يعقوب أنه ومن خلال تجاربه الأخيرة قد ابتعد عن الإيديولوجيا بكل أشكالها بالشكل المباشر الذي مارسوه في بدايات تشكلهم الشعري، حيث اعتاض عن ذلك برمزية شفيفة لا تهمل القضايا الكبرى لكنها لا تتناولها بشكل خطابي عاطفي ومكشوف مما يضعف من شعرية النص.
ولعل محمد يعقوب من خلال رؤية للحياة والانسان حاول الابتعاد عن الأيديولوجيا المنطلقة من إعلاء الذات وإقصاء الآخر، سعيا للتأصيل  والتأكيد على تعددية الصوت واحقية الآخر في اكتسابه حقوقا متساوية دون أستلاب أو إقصاء أو خيارات ترتهن للأشخاص ..أحقية تؤسس للذات كقيمة إنسانية تعلي من الآخر كما تعلي وتعزز خطى الذات.محمد يعقوب استطاع أن يتجاوز هذه الإشكالية وأن ينحاز الى الشعر بصفته فنا وليس بصفته رأيا يقترح ويعالج القضايا الإنسانية.
ياتي ديوانه الفائز مؤخرا بجائزة محمد الثبيتي ” ليس يعنيني كثيرا ” متجاوزا تجربته في مجموعاته الثلاث السابقة وإن كانت لا تنتقص منها لأنها تجربة تراكمية لو لم يخلص لها لما وصل الى هذه التجربة الشعرية الناضجة في هذا الديوان الشعري المصفى؟يتسم ” ليس يعنيني كثيرا ” بلغته الشفافة وصوره المبتكرة وتوظيف الهامشي من اللغة في بناء النص، حيث يعيد تركيب اللغة في غير موضعها السابق ويحيلها الى لغة حديثة حسب مضمون النص واتجاهاته.
يقول ” لا أحدٌ أقاسمه الحديثَ سوى الحقائب “
ويقول: ” عرفت طلاء غرفتها،
صديقتها التي لم تمتحن يوما صداقتها”
والشاعر في هذا الديوان لا يبتعد كثيرا عن الأدوات الشعرية التي يوظفها الشاعر الحديث في نصه، كالتناص على سبيل المثال وتوظيف الحكمة والأمثال، واستخدام الحوارية الثنائية في النص الشعري.لغة الديوان لغة تتكئ على قاموس شعري ناضج يعرف الشاعر كيف يوظف مفردته وتغيير بنيتها في الجملة الشعرية.حضور المرأة واضح وجلي في الديوان كما أن مفردات أخرى كانت حاضرة بتعددية في البناء الشعري مثل: ( الماء، البنفسج، الحمى، الغربة، الحقائب، المساء، الليل، السفر)  وهي دلالات على حالة التشتت الروحي للشاعر خاصة إذا ما قرنا ذلك بتشتت وفوضوية عنوان الديوان أو حتى العناوين النصوص الداخلية مثل: أسئلة المراهن باسمه، الأغاني لا تخون، لا أمر على اسمها، وهي فوضوية فنية تشي بادراك الشاعر للواقع المعاش المتشح بالفوضى والتشتت.ملاحظة أخيرة وهي أنني وجدت أن عناوين بعض القصائد جاءت باللغة الإنجليزية دون أن أعرف سببا لذلك أو هدفا محددا لتسمية نص شعري عربي بلغة غير العربية، هل هي إ شارة للسلام والامتزاج مع الآخر ..مع رفضنا الضمني لمثل تلك العناوين التي في الحقيقة تمثل انسلاخا من الهوية؛ إذ اللغة العربية بقداستها تمثل هوية يعد التساهل بها انفكاكا عن بنود الحفاظ على كينونتها وأصولها؛ مما يؤثر ذلك سلبا على الأجيال القادمة فيعدون لكتابة قصائد كاملة بلغات متعددة ظنا منهم أن ذلك من التلاقح الفكري والتصالح مع الآخر.ولعل الشاعر يكشف لنا سرّ استخدامه اللغة الإنجليزية في بعض عناوين النصوص. لن أزيد على هذا إلا أن أقول أن ديوان ” ليس يعنيني كثيرا ” من أصفى وأنقى الدواوين الشعرية التي قرأتها خلال السنوات الأخيرة.

ثم قرأ الشاعر اليعقوب عددا من نصوصه الشعرية من خلال ديوانيه ليس يعنني كثيرا والأمر ليس كما تظن منها أسئلة المراهن باسمه وخطأ في الغياب وقميص لأوراق بيضاء ولن أمنعك والباب الخلفي للرخام وتراث الحب وحوارية الوطن سأدير العزلة ثم ختم الأمسية ب أعراس المواقيت وسط عاصفة من التصفيق ثم كرّم الشاعران محمد إبراهيم اليعقوب وأحمد قران الزهراني من يدي الدكتور عبد المحسن القحطاني ومدير الأمسية الشاعر خالد الكدريسي ثم وقّع البعقوب ديوانه الجديد ليس يعنيني كثيرا للحاضرين والحاضرات ليعلن رئيس منتدى عبقر الشعري بأدبي جدة  عبدالعزيز الشريف الأمسية القادمة استضافة الشاعر إبراهيم الجريفاني


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com