غرفة الإنتظار  
02 أكتوبر 2020
0
73161

 

كنت أجلس في غرفة إنتظار الطبيب ومعي الرفيق الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ منا والذي لا يمكننا الإستغناء عنه بأي حال من الأحوال، الهاتف المحمول الذي أصبح يزعجنا أكثر مما يسعفنا فقررت أن اضعه في الحقيبة ولا أنظر إليه..

وأخذت أنظر في وجوه المنتظرات أمثالي..

شابة جميلة تنعم بمظاهر الترف ولكن نور عينيها منطفئ وكأنها تريد أن تعوض ما انكسر منها بكل تلك الزينة..

إمرأة ستينية تمسك بمسبحتها وتسبح وتهلل بصوت مرتفع لعل أحداً يحذو حذوها فتأخذ أجرها وأجر غيرها..

إمراة أربعينية يبدو عليها القلق الشديد ولا تفتؤ تحرك رجليها وهي تنظر إلى الساعة وكأنها تنتظر نتائج مصيرية ستقرر مجرى حياتها..

شابة لم تبلغ العشرين تجلس بالقرب من جدتها التي بلغت من الكبر عتياً وتجيبها في كل لحظة على السؤال ذاته أين الطبيب؟؟ دون كلل أو ملل..

شابة أخرى اكبر سناً معها ابنها الذي لم يجلس على كرسيه ويمارس ضغوطه العاطفية ويبتزها بالأصوات والحركات حتى تعطيه هاتفها ويلعب لعبته المفضلة..

وشابة تجلس في ركن بعيد وتتحدث بصوت خفيض على استحياء ووجها يشوبه حمرة الخجل، تخيلت أنها في فترة الخطوبة الحالمة..

وإذا بامرأة يرن هاتفها المحمول وتتحدث مع جارتها عن تفاصل حفل الغد وشاركت كل من في الحجرة قائمة الطعام والترتيبات وحتى ما سترتديه هي وبناتها، حتى أن الطفل ترك لعبة المحمول وأخذ يستمع مشدوهاً إلى التفاصيل !

ونظرت إلى نفسي وقلت ماذا عني؟ أي واحدة منهن أنا؟

هل أنا البائسة أم القلقة أم المتذمرة أم الزاهدة أم الحالمة أم المفعمة بالحياة أم التي لم تعد تعرف للزمن وقتاً؟ أم أني كلهن مجتمعات؟ وكل واحدة منهن تمثل جزءاً مني وحقبة من زماني ومرحلة من حياتي ؟!

لم أطل التفكير ولم أتوصل لإجابة لأن الممرضة نادت على إسمي وقمت لأرى الطبيب !!

 

د. ندا الزايدي

استشارية الطب النفسي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com