قصة السامري
30 مارس 2024
0
19107

 

أحمد علي الزهراني – ش ا س 

خرج النبي موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين متجهين إلى فلسطين، بعد ان نجاهم الله وأغرق فرعون وفي طريقهم وجد بني إسرائيل قوم يعبدون العجل فقالوا لموسى نريد إله نعبده مثل هؤلاء القوم، فقال لهم موسى ويلكم إنكم قوم تجهَلْون، أتريدون أن تعبدوا إله غير الله وهو الذي أنقذكم من فرعون وتعذيبه وظلمه. (وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمٖ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ قَالُواْ يَٰمُوسَى ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ)
حذر موسى ونبه قومه من غضب الله عليهم وعذابه لهم إذا عبدوا إله غيره.
جاء اليوم الذي وعد فيه الله سبحانه وتعالى أن يكلم سيدنا موسى. ويعلمه فتجهز موسي للرحيل ووكل أخيه هارون على قومه يرعى شؤونهم( وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخۡلُفۡنِي فِي قَوۡمِي وَأَصۡلِحۡ وَلَا تَتَّبِعۡ سَبِيلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ )ذهب موسى ليكلم ربه واستمر أربعين يوما أنزل الله عليه التوراة في ألواح مكتوبة وفي فترة غياب موسى عنهم ثلاثين يومًا ، وازدادوا عشرة ظهر رجل اسمه السامري رجل به خبث وفيه نفاق تظاهر بالأيمان ولكن قلبه لم يكن مؤمنا السامري خرج مع قوم موسى حين لحق بهم فرعون وجنوده، فكان من الناجين معهم، ولما استقروا رأى السامري فرس جبريل حطت في الأرض فأخذ أثراً منها واحتفظ به ، فقبض منه قبضة؛ وبقي متمسكاً بها فذهب السامري إلى القوم من بني إسرائيل وقال لهم اجمعوا الذهب الذي اخذتموه من فرعون وقومه لكي أخلصكم من هذه الاوزار فجمع الذهب ثم صهره وصنعه على شكل عجل ثم نثر من التراب الذي اخذه من اثر جبريل فبدأ يصدر صوتا خوارا فتعجب بنو إسرائيل ماهذا الذي حدث قال: هذا هو إله بني إسرائيل، وإله موسى؛ الذي نسيه (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ) (فرأى هارون ذلك وقال لهم يا قوم اتقوا الله واعبدوا الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري، إلا أن القوم هددوه وكادوا أن يقتلوه(.وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي) وقد تفرق بنو إسرائيل ما بين مصدق ومكذب، فانتظروا وصول موسى -عليه السلام- إليهم؛ وقد كان ذاهباً -عليه السلام- لملاقاة الله –سبحانه وقد اخبره الله عن هذه الفتنه التي حصلت في غيابه (قَالَ فَإِنَّا قَدۡ فَتَنَّا قَوۡمَكَ مِنۢ بَعۡدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ ) غضب موسى غضبا شديدا من هذا الجرم الكبير الذي ارتكبه قومه لكفرهم بالله واتخاذهم الاصنام وكان بيده الالواح فرمى الالواح وفي نسختها هدى ورحمه لقوم يؤمنون

عاد موسى -عليه السلام وتوجه – لأخيه وخليفته في قومه أثناء الغياب ؛ هارون -عليه السلام-، وعاتبه عتاب شديد وجذبه من لحيته من شدة الغضب، رغم ان هارون قام بواجب النصح على اكمل وجه خوفاً من أن يكون قد قصر في أمرهم ونهيهم، ولكن أخاه توسل إليه قائلاً: (قَالَ ابْنَ أُمَّ) يا بن أمي أنا وإياك من بطن واحد (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) والسبب (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي) ، (وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي)]، وبنو إسرائيل معروفون بقتل الأنبياء (فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ) هارون خشي ان يفرق بين الناس وان يحدث فتنه فانتظر اخاه حتى يرجع
(فَرَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَٰنَ أَسِفٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَمۡ يَعِدۡكُمۡ رَبُّكُمۡ وَعۡدًا حَسَنًاۚ أَفَطَالَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡعَهۡدُ أَمۡ أَرَدتُّمۡ أَن يَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُم مَّوۡعِدِي)
. عاد موسى -عليه السلام- إلى بني إسرائيل غاضبا وبدأ في تقريعهم وتوبيخهم، فحاول بنو إسرائيل الاعتذار من فعلتهم الشنعاء بأعذار واهيه مثل فعلتهم وطريقتهم (قال يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي فكانت الإجابة (قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ) فكذلك ألقى السامري، هكذا حاولوا اختلاق الاعذار في الحقيقة لم يفعل الكثير، هو فقط ألقى ثم أخرج عجله فكان القول بعد ذلك منهم، هم من قالوا (فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى) الفتنة إذا فتنتهم والخيار خيارهم، والضلال ضلالهم أن صدقوا من أرادوا تصديقه، صدقوا السّامري.
توجه موسى الى السامرى صاحب الفتنة الكبرى يسأله ؛ فلم ينكر السامري واعترف (قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ يَبۡصُرُواْ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةٗ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِي نَفۡسِي)، وقال لما رأيتهم يودون عبادة إلها أخر من دون الله صنعت لهم العجل ، وألقيت عليه من أثر الرسول الذي أهلك فرعون فأصدر خوارًا صدقه الناس ، وقد سولت نفسي لي هذا يا موسى ، فطرده سيدنا موسى عليه السلام
( قال فاذهب فإن لك في الحياة ) أي : ما دمت حيا ، ( أن تقول لا مساس ) أي العقوبة الأولى : لا تخالط أحدا ، ولا يخالطك أحد ، وأمر موسى بني إسرائيل أن لا يخالطوه ، ولا يقربوه .وينعزل عنهم ويهيم على وجهه في البراري
العقوبة الثانيه: وإن لك موعدًا يوم القيامة تُحَاسَب فيه وتُعَاقَب، لن يخلفك الله هذا الموعد، أما العجل فقد صهره سيدنا موسى ، وأعاده كما كان ذهبًا ، وفتته ونثره في البحر قال -تعالى- في ذلك: (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا).
وأما الذين أشركوا بربهم ، فقد قال الحق كلمته فيهم ؛ بأن يقتلوا عقابًا لهم على شركهم بالله ، فنادى فيهم سيدنا موسى أن يتوبوا إلى الله ، ويقتلوا بعضهم البعض .


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com