كل شيء
23 يناير 2021
0
56232

 

كان يتمشى مع صديقه العزيز، ويشكو له حظه العاثر، فقد شارف على عقده الخامس وهو لا يزال وحيداً بلا زوجة ولا ولد..
حياته رتيبة، معظمها بين النوم والوحدة وقليل من العمل. وأخذ يغبطه على حياته المليئة بالأولاد والبنات، بل إنه ينتظر حالياً حفيده الأول! ويقول له كم أنت في نعمة،
فقال له بحسرة، ما فائدة الأولاد والفقر يطل علينا من كل باب؟ لا نفتؤ إغلاق باب حتى ينفتح آخر! الديون تلاحقني والمشاكل تضيع علي هناء العيش.
كم أغبط صديقنا الغني الذي يعيش في قريته مرتاحاً ولديه قصر كبير، ومزارع ومواشي، عنده اكتفاء ولم تحوجه الأيام إلى أحد!
وقررا أن يزوراه في اليوم التالي، فأقام لهم مائدة شهية من ما لذ وطاب من لحوم وطيور وخضروات من مزرعته وخبز طازج تملؤ رائحته المكان. فأكلوا ونعموا ولاحظوا أنه لا يأكل سوى القليل لمشاكل قال إنه سيحدثهم عنها لاحقاً..
ثم ذهبوا للمشي في المزارع المحيطة بالقصر، ولكي يحدثهم بنعم الله عليه وكيف أن المحصول في هذه السنة كان وافراً، حتى بلغوا ساقية الماء القديمة ورأوا ثوراً ضخماً يجرها، وتحتها يرقد فلاح مسكين يكاد يسمع شخيره أهل القرية بأكملها ولا يكترث لصوت الساقية أو رائحة الثور ولا لخشونة الأرض من تحته! فنظر إليه وأخذ يبكي.. قال كم أغبط هذا الرجل.. فاستغرب الصديقان! قال لهم إنه يستطيع النوم في أي مكان أو زمان وأنا أملك المال والقصور وتأبى عيناي النوم لمشاكل صحية ونفسية أرهقتني..
تعجب الصديق الأعزب وذهب ليوقظ الفلاح وسأله عن سبب نومه في هذا المكان، فقال لا أستطيع النوم في الدار إلا نادراً، فأنا أعمل في المزرعة طوال اليوم وإذا ذهبت إلى المنزل أسهر على خدمة أبواي اللذان بلغا من الكبر عتياً وأنا ولدهما الوحيد.. كم أتمنى لو أنام ليلة واحدة بطولها على فراش وثير دون منغصات!
فنظر الأعزب إلى نفسه لوهلة، وتذكر أنه لم يزر أبويه منذ فترة بعيدة في قريتهم، كل ما كان يفعله هو أن يندب حظه، وينظر إلى ما لدى الآخرين.
وكانت المفاجأة بأن لا أحد يملك كل شيء!!

د.ندا الزايدي
استشارية الطب النفسي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com