متابعات :
طرح قرار البنك المركزي المصري الأخير بزيادة الاحتياطيات الإلزامية للبنوك من 10 إلى 14% العديد من التساؤلات، خاصة وأن مسؤولي “المركزي المصري” أكدوا أن زيادة نسبة الاحتياطيات الإلزامية كانت لمواجهة التضخم الحاد الذي ضرب البلاد، بينما أكد بعض الخبراء أن زيادة الاحتياطيات الإلزامية يشير إلى تعافي اقتصاد البلاد.
لكن الدراسة التي أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم تحت عنوان ” تأثير ارتفاع نسبة الاحتياطيات الإلزامية على الاقتصاد والبنوك”، أن قيام البنك المركزي بزيادة نسبة الاحتياطيات الإلزامية جاءت بعد انتقادات وجهها صندوق النقد الدولي للحكومة المصرية، بأن مصرفها المركزي لا يستخدم كافة أدواته لمواجهة التضخم ومن ضمن أهم هذه الأدوات الاحتياطيات الإلزامية.
وأوضحت الدراسة أن استخدام الاحتياطيات الإلزامية أداة مهمة فعلاً لمواجهة التضخم حال أن تكون أسبابه طبيعية أي بسبب زيادة الطلب لا تواجهها زيادة في المعروض، أما التضخم في مصر فقد حدث لأسباب أخرى لا تقل أهمية عن الأسباب الطبيعية.
وبينت الدراسة أن أسباب التضخم تنحصر في ثلاثة أسباب، أولها الإفراط غير المسبوق في طباعة النقدية، فقد زاد النقد المصدر والمتداول زيادة غير مسبوقة بعد تولي المحافظ الحالي للبنك المركزي لمسؤولياته فى نوفمبر 2015، فمنذ توليه وحتى نهاية يونيو الماضي زاد النقد المصدر والمتداول بنسبة 39.9% حيث بلغ بنهاية نوفمبر 2015 نحو 323.9 مليار جنيه مقابل 453.1 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضي وبزيادة قدرها 129.7 مليار جنيه، أي أن ما تم طباعته من نقد منذ تولي المحافظ الحالي يبلغ أكثر من ضعف النقد المصدر والمتداول والذي كان يدير اقتصاد مصر عام 2004.
أمّا السبب الثاني وفقاً للدراسة فيتمثل في زيادة أسعار صرف الدولار والعملات الرئيسية أمام الجنيه المصري بنسب قياسية وتاريخية، حيث قرر المركزي المصري تحرير سوق الصرف في بداية نوفمبر الماضي، وبعدها شهدت البلاد موجة غير مسبوقة في ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات.
أما السبب الثالث للتضخم فيتمثل في برنامج الإصلاح الاقتصادي المقدم من الحكومة لصندوق النقد الدولي، حيث اشتمل على خطوات لعلاج عجز الموازنة بخلاف تحرير سعر الصرف تمثلت في إلغاء الدعم عن المواد البترولية بشكل تدريجي وبالفعل قامت الحكومة مؤخراً بزيادة متكررة لأسعار الوقود وسيتم رفع الأسعار طبقاً لبرنامج زمني حتى إلغاء الدعم بشكل كلي.
كما تقوم الحكومة برفع أسعار الغاز والكهرباء حتى ترفع دعمها بالكامل عنهما طبقاً لبرنامج زمني، إضافة إلى زيادة الضرائب وهي خطوة قادمة حيث أعلن رئيس الوزراء عن اتجاه الحكومة لتطبيق ضرائب تصاعدية خلال الفترة المقبلة، وهذه الخطوات زادت من معدلات التضخم وخاصة رفع أسعار الوقود.
وبينت الدراسة أن رفع الاحتياطي الالزامي سوف يعمل على زيادة الأرصدة لدى البنك المركزي المصري في إطار نسبة الاحتياطي الإلزامي 40% عن الرصيد قبل صدور القرار وهى زيادة لن تقل عن 72 مليار جنيه وذلك إذا كانت الشهادات الادخارية والقروض الموجهة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكل نسبة 40% من إجمالي ودائع العملاء، وبالتالي فإن الأرصدة لدى البنك المركزي والخاصة بالاحتياطي الإلزامي لن تقل عن 250 مليار جنيه بعد تنفيذ القرار.
كما أن انخفاض ودائع العملاء بالبنوك المصرية والموجهة للاستثمار في صورة قروض وتسهيلات ائتمانية للعملاء أو أوراق مالية وسندات بالبورصة المصرية أو أذون خزانة مطروحة من قبل وزارة المالية لتمويل عجز الموازنة أو إيداعات لدى البنوك الأخرى بما لا يقل عن 72 مليار جنيه سيؤثر سلباً وبصورة مباشرة على السوق المصرية والبورصة وعلى استمرار البنوك في تمويل عجز الموازنة مع زيادة عبء خدمة الدين العام.
وسوف يتسبب انخفاض ودائع العملاء بالبنوك والموجهة للاستثمار في رفع تكلفة هذه الأموال وهي مرتفعة أصلاً بعد تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة لأعلى مستوياتها على الإطلاق بالبنوك المصرية وهو ما سيؤثر سلباً على معدلات نمو القروض والتسهيلات الائتمانية وبالتبعية على معدلات نمو صافي الأرباح بالبنوك المصرية وما له من تبعات سلبية على عجز الموازنة من انخفاض في الإيرادات الضريبية المحصلة من البنوك.
وبينت الدراسة أن ارتفاع تكلفة الأموال الموجهة للاستثمار بالبنوك ستدفع البنوك لتخفيض أسعار الفائدة على الودائع والإبقاء مجبرة على عائد الشهادات الادخارية كما هو أو تخفيضه بشكل أقل حدة عن الأنواع الأخرى للودائع للاستفادة من ميزة عدم خصم احتياطيات الزامية من أرصدتها والتي مضى عليها بالبنك أكثر من 6 أشهر.
This site is protected by wp-copyrightpro.com