لا توقظوا فتنة نائمة | غادة طنطاوي
04 سبتمبر 2018
0
99297

مع تطور التكنولوجية تعددت وسائل التواصل الإجتماعي و تغير مفهوم عرض السلع و أصبح واسع النطاق..
لكن المؤسف في الأمر أنه بات يتراقص على سلم الغرائز لدى هذا الجيل.
 الأمر الذي يتعارض مع الأخلاق. أصبحت التلميحات الجنسية في إعلان كل منتج واحدة من أقوى وسائل التسويق فعالية، أسهلها إنتشاراً و أكثرها خبثا.
ولم يعد البيع مقتصراً على الأسواق أو على بائع متجول يعرض ما لديه على قارعة الطريق، مستجدياً إقبال الناس على بضاعته بنظراته البائسة. بل تعدى مفهومه العقل، المنطق و القيم التي تربينا عليها، ليصبح فكراً هَدَّاماً يتبع منهجاً منحرفاً سخر العلم الحديث و نظرياته في التأثير على العقل البشري، المتحكم الأول في اتخاذنا للقرارات، و لكي نتمكن من الحد من إنتشار هذه الظاهرة وجب علينا فهم المعنى الحقيقي لكلٍ من الفطرة و الغريزة و إكتشاف الفرق بينهما!!
الفطرة هي ما خُلِقْنا عليه وهو كامن بداخلنا، لكننا نحتاج إلى دراسة منهجية لتقويمه و التكيف مع الظروف المحيطة. و للتوضيح أستشهد بالفرق بين وضع الإنسان في العصر الحجري و وضعه حاليا !!
فُطِر كلاهما على درجة عالية من الإنتباه للعوامل التي تهدد قدرته على البقاء و مواجهتها.
عند الشعور بالجوع مثلاً إنسان العصر الحجري يحمل رمحه و يجوب الغابة بحثاً عن فريسة تُغْنِيه من جوع، في حين أن إنسان العصر الحديث سيقوم بطلب وجبة عبر الهاتف أو شرائها من أي مكان .. بناءً على ماسبق نجد أن ردود الأفعال الصادرة منا تجاه تلبية رغباتنا الفطرية تختلف بإختلاف البيئة المحاطين بها.. أما الغريزة فهي سلوك فطري لا يحتاج لدراسة بل يمارسه الإنسان بما يمليه عليه طبعه و غالباً ما يحتاج مؤثراً خارجياً لإستفزازه، على سبيل المثال نذكر غريزتي الجنس و الأمومة.. نراها في الإنسان و الحيوان معاً، درجة الإستجابة واحدة لكن الضوابط عند الإنسان أقوى لأن الله ميزه عن الحيوان بالعقل البشري. 
و إذا أتينا إلى أرض الواقع لوجدنا كيف تكتمل منهجية صناعة البيع بإستخدام الغرائز وفقاً لما ذكرته سابقاً..
لكن السؤال الذي يجب أن يشغل الجزء الأكبر من تفكيرنا هو مالذي يحصل داخل العقل البشري حتى يستجيب لتلك الظاهرة؟؟
شركات الأدوية مثلا أصبحت تتعمد إثارة غريزة الخوف من انتشار الأمراض لنلجأ لشراء منتجاتها و نحافظ على بقائنا، نفس الأمر يسري على طريقة بيع منتج يثير الغرائز الجنسية التي أصبحت حالياً موجودة بكثرة في كل فكرة إعلان نراها على التلفاز أو اليوتيوب .. و السؤال الذي تطرحه بعض العقول المفكرة عند قراءة مقالي هذا .. 
هل يمكن للعقل أن يقرر إقتناء سلعةً ما فقط لأنها إنتشرت إعلامياً ؟؟
الجواب الصاعق.. نعم و بسهولة!!
في علم الإجتماع هناك دراسات أثبتت أن المبالغة الزائدة في الخروج عن المألوف دائماً تأخذ إهتماماً أكبر، كمبالغة بعض الفتيات في وضع مساحيق التجميل و الظهور بلبسٍ خارج عن المعتاد في أماكن مكتظة بالجنس الآخر !! لذا سيرتبط مبدأ المبالغة هنا بالمتعة الجنسية عند أحدهم تلقائياً، ظناً منه بأن العامل الرئيسي الذي قام بتحفيزه جنسياً هو المنتج المعلن عنه، و على هذا نجد الشركات المنتجة تنفق مبالغاً ضخمة في سبيل تصميم فكرة إعلانية رئيسية تحدد مدى انتشار المنتج المطروح في الأسواق و المراد بيعه على أوسع نطاق. 
لكن الجدير بالذكر هنا .. ليست جميع شرائح المجتمع معرضة للوقوع في الفخ، فالمرأة أكثر ترقباً وحذراً تجاه الغرائز الجنسية لأنها تحتاج لوقتٍ أطول لتحصل على الشعور بالأمان، ولأن الإعلان موجزاً في العادة فإن أكثر الإعلانات تستهدف الرجال، و هذه منهجية أخرى متعمدة، الزوج في العادة هو من يتحمل الإنفاق.. فانتبه عزيزي الرجل ليس كل ماتراه يلمع ذهباً !! قد يكون فخاً ينم عن الغباء..

بقلم/ غادة ناجي طنطاوي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com