لغز الحياة
25 أكتوبر 2021
0
39501

 

كان ذلك الطفل الذكي الذي يعشق حل الألغاز والأحجيات ودوماً ما يتحدى نفسه قبل أن يتحدى أقرانه..

كبر وأخذ يسمع عن لغز الحياة..

لم يفهم في البداية ماهية هذا اللغز؟ وفيم يكمن؟

فالمسلَمات واضحة والحقائق معروفة، والشمس تشرق كل يوم من نفس المكان، والحق حق، والكذب قبيح، أين اللغز في هذا؟

يعلم أن الإنسان يحتاج إلى المقومات الأساسية للحياة، من غذاء، وأمان، وعلاقات إجتماعية ثم حصوله على تقدير الذات بحسب هرم ماسلو للإحتياجات، فوجد أن ذلك لغزاً سهلاً قد تم حلَه قديماً بهرم أو بدون!

ثم وصل إلى منتصف العمر وصارعته الحياة، وخُذل من المقربين، فأخذ يحاول فك اللغز مرة أخرى، لابد من وجود واحد!

بحث في جميع المعتقدات، والتجارب الإنسانية القديمة والحديثة، حتى وصل إلى علم الطاقة، والكارما، فوجد أنها أرجعته إلى حقيقة من يعمل خيراً يره ومن يعمل شراً يره، فلم ير في ذلك لغزاً صعباً يستحق العناء!

أخذ يبحث عن لغز التعامل مع الناس، وكيفية تطويعهم أو مجاراتهم أو حتى محاباتهم لتنتهي الصراعات!

فوجد بعد جهد أن كل ما يستطيعه هو تغيير نفسه فقط! إما بالتعايش معهم أو بتقبلهم! وكان حل اللغز دائماً ركز على نفسك، على أفكارك، على مشاعرك، أنت فقط..وليس أحداً سواك!

حاول عبثاً أن يبتكر شيئاً يجعلنا متشابهين، أو على الأقل متفقين، فاكتشف أن الإختلاف هو سمتنا وجبِلتنا التي خلقنا عليها!

اصيب بخيبة امل، فلا ألغاز يستطيع حلها وكل شيء واضح وجلي للعيان، فالكون فقد خلق فيه كل شيء بقدر ..

ليس الكائنات فحسب بل حتى الأقدار، وأننا ولو اجتهدنا ما استطعنا أن نغير في ذلك شيئاً..

عاد إلى إبنه مثقلاً بتلك الحقيقة بعد أن استنزفه البحث، وأرهقته النظريات، وأوجعته التجارب، وقال له: إن في الحياة لغزاً لا تحاول أن تبحث عنه إلا في نفسك لأنك لو عرفت له حلاً فستعيش مرتاحاً وهانئ البال..

 

د. ندا الزايدي

استشارية الطب النفسي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com