يُفضل بعض الموظفين اللجوء للتقاعد المبكر أو الاستقالة للراحة بعد عناء سنين طويلة من الجهد المتواصل في العمل, وبعضهم يفضل التفرغ لأعماله الخاصة أو العمل في مجالات أًخرى للبحث عن من يقدّر خبراته العريضة من تقلَد درجات ومناصب تليق بإمكاناته .. ومن منظور آخر لإعطاء فرصة لأبناء وشباب الوطن لشغل الوظيفة ولحل مشاكل الوظائف.
متى يلجأ الموظف أو الموظفة لاتخاذ قرار التقاعد المبكر أو الاستقالة ؟
من وجهة نظري يخضع ذلك لعدة أمور منها: التشبع الوظيفي, الشعور بالظلم والقهر والإحباط والتهميش في العمل, عدم وجود الترقيات أو تأخيرها, شعور الموظف بأنه غريب في وطنه!.. ويأتي ذلك من خلال تفضيل الموظف الأجنبي ذو الإمكانات والخبرات الضعيفة على ابن الوطن !
حقيقة ما يعانيه الموظف من الاضطهاد والإحباط وعدم التقدير للخبرات, ناهيك عن تحمل مشقة الظلم الوظيفي من قرارات وليدة اللحظة يتخذها الرؤساء وسط مزاجية وعشوائية بسببوبدون سبب ! .. الأمر الذي يجد فيه الموظف نفسه أنه رحال من مدينة لمدينة تسمى بلغة العمل : “الكعب الدوار” وبالمثل الشعبي: مثل القطة وعيالها ..
وفي حال استحداث قرار نقل الموظف من مكان إلى آخر يجب أن تراعي جهة عمله التوازن المالي والتعويض المالي نتيجة قرار النقل, مثل: تحمل نفقات الانتقال وما يترتب عليها منأجور سكن ومواصلات، أو أي نفقات إضافية لتعليم الأبناء ومصاريف المنزل يتم فيها تعويض الموظف عن فراق أفراد أسرته الذين يعيلهم .
وقرار نقل الموظف إذا لم يراعى به الحق العام للموظف واللوائح والأنظمة المستندة بذلك يعتبر عُرضة للإلغاء .. لأنه اخل بقيد عدم المساس بالتوازن المالي للموظف . وللأسف تأتي هذهالقرارات التعسفية بدون الرجوع للموظف, رغم أن ذلك يعتبر مخالف لأنظمة ولوائح مكتب
وإذا أبدى الموظف المغلوب على أمره عن تظلمه من الوضع, للأسف يتكالب عليه الرؤساء ويضعوه تحت المجهر وينظروا فقط للسلبيات ويتغاضوا عن الإيجابيات في العمل …
وفي النهاية لا يجد الموظف ملاذاً لكظم غيظه وتلافيا لتدهور حالته الصحية والنفسية.. لذا يضع حلول التقاعد المبكر أو
الاستقالة في أولوياته عسى الله أن يغير حاله لأفضل.. حال ولو نظرنا لجبلة الإنسان نجده مخلوق عظيم كرمه الله عز وجل فهو يأنس إلى البيئة التي تقدره وتحترمه وتعلي من شأنه وليستلك التي تنال منه وتحطم معنوياته.
وفي الجانب الآخر يفضل بعض الموظفين الاستمرار في العمل، حتى سن التقاعد الإلزامي … بسب الارتياح في العمل . وقد يكون لظروف أجبرته على الاستمرار في العمل ، مثل إعالتهلوالديه ، أو لديه أطفال معاقين وعلاجهم يكون تحت مظلة ومأمن العلاج الوظيفي ..التي تتحملها جهة عمله .. وهناك فئات من الناس تتمسك بالوظيفة إلى آخر يوم في حياتهم ظنا منهم أنالوظيفة سوف ستدوم لهم ، وفي اعتقادهم الخاص أنهم سوف يتجرعون مرارة ضنك الحياة والملل بمجرد التفكير في التقاعد !
عَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللّهُ بِمَا آتَاهُ».
يجب علينا أن نتذكر ونتفكر بأن الرزاق هو الله سبحانه وتعالى يهب لعبده ما يشاء, فالله معنا في الرخاء والشدة وفي حال اليسر والعسر ومع الغنى ومع الفقير .. والقناعة بما قسم الله تعالى، والرضا بما قدره وقسمه، تعد من أفضل النعم الجليلة التي يُنعم الله بها علينا، تذكر أخي … أختي بأن: “القناعة كنز لا يفنى”…
للحديث بقية في مقال قادم بعنوان: “متقاعد لا تكلمني 2”
بقلم : طارق مبروك السعيد
This site is protected by wp-copyrightpro.com