مدارسنا مبتدأ العبث! | أحمد الهلالي
19 نوفمبر 2016
0
83457

أثاث التعليم يرمى في العراء، وكأنه لم يك شيئا من قبل. وكم يؤسفني أن كثيرا منه لا يزال صالحا للاستعمال، والأكثر يحتاج إلى إصلاحات طفيفة ليعيش عمرا آخر، وهذا ما يحدث لبعضها في سوق (المستعمل)، لكننا أمة لا تعرف قيمة ما لديها حتى تفقده ربما، ولا أدري حقيقة إلى متى ونحن نرى فرض الأنظمة ومراقبتها بجدية نوعا من التعقيد والتسلط.

قبل أربعة أعوام كتبت مقالة في صحيفة الوطن ـ كما كتب مئات الكتاب ـ تحدثت فيها عن إفساد أبنائنا للممتلكات العامة، دون أدنى شعور بالمسؤولية، أو تأنيب الضمير، فالكشافات تصبح أهدافا للحجارة، والحدائق تتحول إلى محارق، والظلال إلى مزابل، والجدران إلى أخاديد وأحافير عبثية، وصولا إلى الكتابات والخربشات بتشويهاتها البصرية على كل شيء حتى لوحات الطرق.

كتبت في مقالتي القديمة عن دور التربية، وأهمية ابتكار أنظمة مدرسية تعلم أبناءنا المسؤولية، وتنمي في أعماقهم الإحساس بقيمة الأشياء، فلا أبسط من تصميم نظام يتسلم بموجبه الطالب من الصف الثاني الابتدائي كرسيه وطاولته من (رائد الفصل عهدة) يوقع على تسلمها هو وولي أمره، وتربط درجات سلوكه بنظافتها وسلامتها، وتربط نتيجته آخر الفصل بها كذلك، والطالب المسرف اللامبالي يحاسب ولي أمره ليعوض المنشأة التعليمية عن أي ضرر تسبب به ابنه، سواء كان في الأثاث أو في الجدران أو في أي أمر يطاله العبث والتخريب، ويكون المسؤول المباشر (رائد الفصل) أمام إدارة المدرسة، ثم إدارة المدرسة أمام إدارة التعليم، ثم إدارة التعليم أمام الوزارة، ومن يقصر من هؤلاء يتحمل تكاليف تعويض المدرسة عن التالف أو المفقود.

كذلك لو اهتمت إدارات التعليم، وحركت فرق الصيانة إلى المدارس للوقوف على حالة الأثاث المدرسي كله، وقامت بإصلاحه وترميمه بصفة دورية جادة، لا تقبل كتابة تقرير (تالف ويستبدل) دون قنوات تأكيد لا تقبل الشك، فكثيرا ما نرى مكاتب وخزائن وطاولات وكراسي ليس فيها إلا ضرر بسيط يمكن إصلاحه، لكنها ترمى في انتظار قدوم فرق جمع (الرجيع)، فيكون الضرر قد تضاعف مرات ومرات، ولن يصل إلى مكان التجميع إلا وقد صار تالفا تماما.

لو عودنا أبناءنا على احترام المقدرات والممتلكات العامة، واعتادوا على النظام لارتقى معهم هذا الإحساس وكبر، ووصل إلى شوارعنا وحدائقنا وجامعاتنا ولتخففنا من الهدر المالي، ووجهناه إلى مصالح وطنية أخرى، ولربينا أجيالا تحاسب العابثين بالمقدرات الوطنية في الإدارات والمصالح التي سيعملون فيها مستقبلا.

الكاتب  احمد الهلالي
alhelali.a@makkahnp.com


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com