عزة الغامدي – جدة:
ناقشت الباحثة شهد بنت أحمد الغامدي ماجستير بالعلاقات العامة بكلية الاتصال والاعلام بجامعة الملك عبدالعزيز، رسالتها بعنوان درجة تعرض الشباب السعودي للقوة الناعمة الكورية (دراسة على عينة من طلبة جامعة الملك عبدالعزيز)
بإشراف أ.د. محمد الحيزان.
نبعث أهمية الدراسة من استقطاب القوة الناعمة الكورية المتمثلة في موسيقى البوب K-pop، حضورًا وتفاعلًا جماهيريًا في العديد من بلدان العالم؛ فمثلًا جذبت الفرقة الكورية exo بإحدى جوالتها بأمريكا الشمالية أكثر من 42,380 من محبي ومشجعي موسيقى البوب K-pop، بما يف ذلك 7,842 مشجًعا في فانكوفر.
ولم تكن المملكة العربية السعودية استثناًء من هذا التوجه؛ إذ بلغت -عىل سبيل المثال- إحصاءات إجمالي تشغيلات مقاطع فرقة BTS الكورية على قناة اليوتيوب، أثناء زيارتها لمحافظة جدة يف عام 2019، واحدًا وسبعين مليون مشاهدة، وكان مما لاحظته الباحثة تبوء سكان المحافظة المرتبة الأولى يف نسبة (38.1%) المشاهدة بين سائر سكان المدن والمحافظات السعودية، وذلك بواقع 27.1 مليون مرة.
هذا الإقبال الهائل من سكان محافظة جدة عىل مشاهدة هذه الفرقة، التي تمثل إحدى أدوات
القوة الناعمة الكورية، تثير العديد من التساؤالت حول أسبابها، وأساليب التفاعل معها، بما في ذلك انعكاساتها عىل الثقافة الوطنية، وخاصة لدى فئة الشباب الذين يشكلون أكثر الشرائح انجذابًا للفرقة كما كان ظاهرًا في الفعاليات التي شاركت بها تلك الفرقة في المحافظة.
من هذا المنطلق هدفت الدراسة للتعرف على درجة تعرض الشباب السعودي للقوة الناعمة الكورية، ودرجة تفاعلهم معها من حيث حجم تعرض الطلبة الجامعيين على وجه الخصوص في المملكة للثقافة الكورية، ودوافعهم واتجاهاتهم نحو المضمون المقدم من قبل هذه الثقافة، والعلاقة بين مظاهر القوة الناعمة الكورية والثقافة لدى الطلبة عينة الدراسة. وهو ما كشف عن مدى درجة تغلغل القوة الناعمة في ثقافة الطالب الجامعيين السعوديين.
وفي الإطار النظري تناولت الدراسة عدد من المباحث حول مفهوم القوة الناعمة، وما أهدافها، وخصائصها، أدوات القوة الناعمة وما آليات توظيف الدول لها، المداخل النظرية والعوامل المؤثرة في تبني الجمهور للثقافة الشعبية، بالقوة الناعمة الكورية، وما مكوناتها، وما مظاهر انتشارها.
وخرجت الدراسة بعدد من التوصيات:
١- ضرورة الاهتمام بدراسة المنتجات الثقافية للدول بشكل عام، والتعرف على انعكاساتها على المجتمع السعودي بشكل خاص، والثقافة الوطنية بصورة عامة.
٢- دعوة الجهات المعنية بالثقافة السعودية والمؤسسات الإعلامية التعليمية والفكرية في المملكة العربية السعودية إلى االستفادة من النموذج الكوري في كيفية المزج بين الأبعاد السياسية واالقتصادية والسياحية وبين المواد الثقافية الموجة للخارج، لتعزيز القوة الناعمة السعودية للوصول الفعال لشعوب العالم.
٣- ضرورة اهتمام الدراسات العربية والمقاالت والكتب والمصادر العربية بمجال الدراسة وما شابهها من الثقافات الخارجية، والتعرف على أبعادها، ومستويات تغلغلها في الثقافة العربية، فهي تشكل فرصة للباحثين العرب واسعة لدراسة القوة الناعمة الكورية ” الثقافة الكورية” ومن المهم تسليط الضوء عليه ، واستثماره بما يخدم المصالح المشتركة، خصوصًا في الوقت الحالي، بالنظر إلى الشراكة القائمة بين المملكة وكوريا الجنوبية في الجانب الثقافي والاقتصادي.
٤-أهمية استثمار قدرات الشباب السعودي المتقن للغة الكورية بما يساعد على االستفادة من هذه الثقافة، واستخدام ذلك في تعزيز مهاراتهم اللغوية، والراغبين في تعليم اللغة الكورية للمهتمين بتعلم اللغات بالتعاون مع المعاهد والإدارات التعليمية.
٥- الدراسة كشفت عن أهمية مواقع التواصل االجتماعي ودورها المؤثر والفعال في الترويج للثقافة، على نحو يوجب على المؤسسات الثقافية بالتحديد العناية بقنوات ووسائل التواصل وسبل العرض الإبداعية والتفاعلية والمتجددة والأهم من ذلك المستمرة في جذب الشباب داخليًا وخارجيا، وطرح ما يتناسب مع أفكارهم، خاصة أن هذا التسويق الإلكتروني بإمكانه الوصول لبلدان مختلفة بأقل تكلفة وبسرعة ودقة مما يسهل نشر الثقافة السعودية لدى الدول والشعوب الأخرى، وتقترح الباحثة في هذا الصدد أن يتم وضع خطة واضحة للمؤسسات والمعاهد للمساهمة في تفعيل القوة الناعمة والثقافة السعودية من خلال الاستعمال الأمثل لهذه المواقع باستراتيجيات تفاعلية وماتعة ومفيدة.
This site is protected by wp-copyrightpro.com