نقطة الصفر
21 أغسطس 2020
0
87615

 

جاءت إلى عيادتي قبل عدة سنوات مسنة ذات وجه طلق بشوش يلهج لسانها بذكر الله وبالدعاء لكل من حولها..
وكانت الشكوى من أولادها أنها تتصل بهم في كل صباح خائفة مغلقة باب حجرتها وتقول لهم بأن هناك رجل غريب في المنزل يرتدي ثياب أبيكم!
وإذا بالرجل هو زوجها ولكنها ما عادت تعرفه!

أتعجب لأمرنا كل ما تذكرت تلك السيدة..
أتعجب من إصرارنا على التمسك بأمور الدنيا..
من تمسكنا بالأموال والأولاد والمناصب..
من اعتقادنا بأننا نمتلك أي شيء في هذه الحياة..
وننسى “وأنه هو أغنى وأقنى” النجم 48
أي أغنى من شاء من خلقه بالمال وملَكه لهم وأرضاهم به..
قد نتذكر عند تشييعنا لجنازة أو حضورنا لعزاء وعندما نرى أن الكفن لا جيوب له..
لكن ما أن نخرج ونركب سياراتنا التي نعتقد بأنها لنا، ونرجع إلى بيوتنا التي نعتقد بأنها ملكنا، ونسكن إلى أزواجنا وأولادنا الذين نستبعد أن يخذلونا في يوم ما مع أننا نعلم علم اليقين بأنهم سوف يفرُون منا في يوم معلوم..
أتعجب حينما أتذكر أن أول من سيخوننا هو الجسد، عقولنا وذاكرتنا!
أحداثنا التي صنعناها وصنعتنا قد يأتي يوم ولا تعود لنا.. ننساها وكأنها لم تكن..
ونعود إلى نقطة الصفر..
إلى البداية..
“حتى لا يعلم بعد علم شيئا” النحل 70
نعيش في هذه الدنيا كأننا نحيا أبداً.. ويصيبنا الكبر والغرور وننسى خالقنا..
حتى نجاحاتنا ننسبها لأنفسنا “إنما أوتيته على علم” الزمر 49
وإذ بنا نفيق يوماً على “يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم” الشعراء 88

اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك..

د. ندا الزايدي
استشارية الطب النفسي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com