لاشك أن اختلاف معايير طبيعة الحياة يؤدي إلى تغير في بعض المفاهيم لدى الناس, حيث كانت الأخبار سابقا تتم عن طريق الصحف الورقية المكتوبة, والمرئية والمسموعة عبر أجهزة التلفاز, والراديو. وهم يعدون من أهم المصادر للمعلومات والتحليلات الخاصة بالفكر والسياسة والثقافة والأدب والعلوم والرياضة.
تتميز الصحف الالكترونية عن الصحف الورقية بالسرعة في نقل الأخبار والأحداث السريعة, كما تعطي الفرص الكبيرة للمستخدمين من أجل التواصل مع الآخرين بكل يسر وسهولة .. يستطيع من خلالها القارئ والمتصفح من الوصول لقلب الحدث بالصور عن طريق شبكة الانترنت، وشبكات المعلومات المتمثلة بجهاز الكومبيوتر, اللاب توب, الايباد, والتابلت.
وتستخدم فيه التصاميم الجميلة والأسلوب المميز لجلب القارئ من خلال فنون وآليات ومهارات العمل وتقنيات لمعلومات. إضافة إلى ذلك, يمكننا الحصول على الأخبار والمعلومات من مصادر ومواقع عديدة في آن واحد..
وباتت الصحافة الالكترونية أكثر انتشاراً من الصحف الورقية, في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي مثل: الفيسبوك، والتوتير، واللينكد إن، والانستغرام، واليوتيوب، وغيرها .. وهي قريبة من هموم ومشاكل الناس والمجتمع.. لذا, أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة تستحوذ على اهتمام شريحة كبيرة من القرّاء، وهذا أحد الأسباب التي أدت إلى هجر العديد من الجمهور الصحف الورقية وإقبالهم على متابعة الصحف الالكترونية بشغف .
وإن من عيوب الصحافة الإلكترونية التي بات عددها كثيرا مما ينتج عنه عدم التحكم بالمعلومة, وغياب المصداقية أحيانا، وعدم الدقة في كتابة الأخبار, ناهيك عن صعوبة الحفاظ على حقوق الكتاب, وعدم تقدير كفاءتهم وقدراتهم, وبعض الكتاب للأسف يكتبون دون مقابل وبدون حوافز مالية تشجيعية رغم تميزهم, وبالتالي نجدهم يتنقلون من صحيفة لأخرى بسبب عدم وجود العقود المبرمة ولحماية الكاتب من توثيق ما سطرته أنامله.
الصحافة الورقية انخفضت مبيعاتها في ظل البطء في إيصال الخبر العاجل للقرّاء, وبسبب أمور كثيرة منها العزوف عن القراءة؛ ناتجاً عن التقدم في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات, التي أصبحت بحوزة الصغير قبل الكبير, والى جانب ارتفاع تكاليف مستلزمات إنتاج الصحف الورقية، والتي تحتاج لمبالغ كبيرة حيث تمر بعدة مراحل مثل: تكاليف التحضيروالطباعة والتوزيع وما يترتب على ذلك من أجور الموظفين, وصيانة الأجهزة, وتكاليف المباني ومصاريف المواد المستخدمة..
وهناك بعض الملاحظات وددت أن أسردها خلال مقالتي, وهي خاصة بأماكن مبيعات الصحف, وكما هو معروف يتم إحضار الصحف الورقية عن طريق الاشتراك بخدمة التوصيل للمنزل أو بالذهاب لأقرب محل لشرائها.. وقد تجد ما يغضبك في أماكن بيع الصحف الورقية, بسبب سلوك بعض الفضوليين الذين ابتليت بهم الثقافة, تجدهم يتصفحون الجرائد اليومية بالمجان غير ابهين بمن حولهم وكأن الأمر لا يعنيهم شيئا, ولا يكتفون بعناوين الصحف بل يقلبون ويبعثرون كل الأوراق !!. تفادياً لذلك؛ قام أصحاب المحلات بتدبيس الجرائد اليومية خوفا من تضجر الزبائن .
تبقى الصحف الورقية لها عشاقها ومتابعيها الذين يحرصون على قراءتها وخصوصا مع قهوة الصباح ..حقيقة الكلمة المطبوعة لها سحر خاص يهيمن على القارئ, ويجعله شغُوفا بقراءة كل صفحات الجريدة. وتوجد العديد من المؤسسات الإعلامية الرائدة في المملكة العربية السعودية تقدر مبيعاتها الإعلانية أكثر من (140) مليون دولار سنويا .
ومن جانب آخر لُوحظ أن بعض كتاب الصحف الورقية يسيطر عليها بعض الكتاب القدامى المتربعين على أعمدة الصحف والمجلات منذ سنين طويلة, وبعضهم تجاوز سن التقاعد الإلزامي, الأمر الذي جعلهم يكتب لمجرد الكتابة بدون مراعاة للقراء, ومواضيعهم العدة كيفما اتفق ودش كلام لشغل زاويته اليومية .. ومع احترامي لبعض الكتاب القدامى وجودهم قد يكون من باب المجاملة من قبل رؤساء التحرير لتاريخهم الصحافي الكبير.. ويكون ذلك على حساب من لديه فكر صحافي نيّر,
وبدون علاقات ومحسوبيات من المستحيل أن يجد الكتاب الغير مشهورين فرص العمل في الصحف سواء كانت كبيرة أم صغيرة, لأنها باتت حكراً على أسماء معينة ..لذلك يجب إتاحة الفرصة للأقلام الواعدة, وللأسف أصبح إعلامنا يعتمد على الشكل أكثر من المضمون !
نعم .. نحتاج لفكر جديد وعقليات نيّرة, تتواكب مع المواضيع الهادفة البناءة وذو الطرح العقلاني الذي يميز كل كاتب يحمل أمانة القلم الذي يحمله في نقل المعلومات الصحيحة وجلب القراء والتنويع في كتابة المقالات .. لأن القارئ لديه قدرة على تقييم الكتاب من واقع شغفه لقراءة كل ما هو مفيد .
وفي المقابل يوجد العديد من الكتاب الكبار قابعين منذ سنين عديدة في صحف ورقية معينة, لا ننكر أن لهم ثقلهم في الصحيفة ولهم قرّاء وصيت كبير, وأشبههم مثل دهن العود كلما تعتّق لفترات طويلة زادت قيمته وجودته ..
أخيراً, لا زالت الصحافة الورقية لها متابعيها من صفوة المجتمع, بسبب وجود كوكبة من الكتاب الأدباء المرموقين, وكون هناك نسبة كبيرة من المثقفين والمفكرين يجدون أنفسهم متيمين في تصفح الصحف الورقية, لما فيها من ذكريات جميلة عاشوا على أطلالها وتعودوا على قراءتها, ولأن فيها أدباء وكتاب كبار نرفع لهم العقال احتراما وتقديرا. لأن الكلمة المكتوبة والملموسة تعتبر أكثر رسوخا في الذهن والعقل.
طارق مبروك السعيد
AlsaeedTariq@
This site is protected by wp-copyrightpro.com