هل لدينا مراكز أبحاث أم مراكز للبرستيج ؟ | أ. عبدالعزيز بن رازن
01 مايو 2020
0
78606

في بعض الأحيان يكون للأزمات جانب إيجابي لم يكن ظاهرا لإدراكنا إلا بعد التعرض لها ، وفى أزمة كورونا وجائحتها التي يمر بها العالم ، أرشدتنا إلى ضرورة ملحة كانت غائبة عنا إلى حد ما ، تتمثل في الدور الحقيقي والمرجو من مراكز الدراسات والأبحاث ، وهل قامت بدورها أم أنها مراكز أقصى طموحاتها لافتة لامعة في مبنى شاهق من باب ” البرستيج” والمسميات الجوفاء ؟.

فالجميع يعلم أن مراكز البحوث المتخصصة في الدول المتقدمة بمثابة ‘عقل’ الحكومات، و’مطبخ’ قراراتها، فعندما تستجد قضية ما في تلك الدول تلجأ الجهات المسؤولة مباشرة إلى تلك المراكز لدراستها ورصد أبعادها واستقراء مؤثراتها المستقبلية.

ومما استوقفني خلال الأزمة هو ما كنت انتظره في صباح كل يوم أن يكون بين أيدينا دراسة بحثية محلية لأزمة كورونا تتناول أسباب انتشار الفيروس في المملكة والخطوات التي اتخذت وحجم الانفاق لمجابهة ومواجهة الجائحة وهو مالم يحدث رغم التمويلات الكبيرة التي تحصل عليها هذه المراكز من قبل الدولة.

فمع الأسف اكتفت معظم هذه المراكز بدور المشاهد والمتفرج دون أن تدلو بدلوها في الأزمة، ونسيت أن من دورها هو التوعية وإذكاء العقول بالمعلومات اللازمة وتكون مصدر مشع لا مصدر اعتام ،فبين ليلة وضحاها اختفت هذه المراكز فجأة وقت الأزمة كالجندي الذى يهرب من ميدان القتال إلا من رحم ربي ممن ارتدت عباءة المسؤولية .

ومن باب التقييم كان لازماً زيادة دعم من يستحق ومن بذل جهدًا ، والمراكز المقصرة في واجباتها تحاسب وتعطى فرصة ثم يعاد تقييمها كي يلحق بركب المسؤولية ، أو ما يعرف بتعديل المسار ، ومساعدة من يتكاسل على النهوض من جديد ومن يتخلف عن الركب فلا داعي لمضيعة الوقت ، لا سيما أننا نمر بمرحلة التحول الوطني التي لا تعرف سوى لغة العمل.

وأقترح أن يكون فريق التقييم لهذه المراكز من التكنوقراط من أستاذة الجامعات و الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والشؤون الخارجية ، لمعرفة ماذا قدمت هذه المراكز للوطن ، وإلى أين ذهبت التمويلات التي حصلت عليها منذ إنشاءها ، على فترات ولتكن ربع سنوية .

و بالمختصر المفيد عند عقد مقارنة بسيطة بين مراكز الأبحاث في المملكة ونظائرها في أوروبا والولايات المتحدة مثل مؤسسة بروكينغز و المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية و مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي و بروغل ، تستشعر عزيزى القارىء الفارق الواضح وإلى أين نسير .

 

أ. عبدالعزيز بن رازن 

مستشار بمركز الدراسات العربية الروسية -الرياض

‏amnr2011@hotmail.com


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com