هو يعجبني لكني أحبك أنت ! | غادة طنطاوي
19 نوفمبر 2018
0
116127

 

قالوا قديماً من الحب ما قتل.. و أنا أقول من الإعجاب ما تسبب في الكثير من مشاكل البشر.

الحب و الإعجاب قضية شغلت الشباب، فقد يتعرض أحدهم للكثير من المواقف مع الجنس الآخر تسبب له حيرةً من أمره بسبب عدم قدرته على التفرقة بين مشاعر الإعجاب و الحب.. فما الفرق بينهما و كيف لنا أن نعرف بأن هذا يعجبنا لكنا نحب ذاك؟؟

قد يعجبنا شخصاً ما لأن سماته الخارجية ملفتة، على سبيل المثال لا الحصر قد يكون وسيماً، ناجحاً، متحدثاً لبقاً أو لكونه شخصية عامة مشهورة. و هذه حالات منتشرة عند فئة الشباب في سن المراهقة، تُعجَب الفتاة بشخصيةٍ ما قد ترى فيما بعد شخصيات أخرى تتمثل فيها ما لفت نظرها في الشخصية الرئيسية، فتبدأ بإسقاط كل صفات الشخصية المشهورة على الشخصية الحقيقية أمامها لتقنع نفسها بأن الشخص الماثل أمامها ماهو الا صورة واقعية لشخصية خيالية، و ما أجمل الخيال حين يأخذ حيزاً من الواقع لدينا. فتقع في حبه و تعتريها نفس مشاعر الحب، يخفق قلبها بسرعة اذا رأته، يتعرق كفها عند السلام عليه و تصاب بالتلعثم في الكلام في حضرته.
لكن تفسير علماء النفس يأتي مغايراً لما نراه، فسرعان ما تتبدل تلك النظرة عند معرفة خبايا الشخصية و طباعها الحقيقية، كأن يكون عصبي المزاج، صعب المراس أو قاسي الطباع، تصتدم فقاعات الخيال بجدار الواقع الأليم، و تبدأ الضحية بالدخول في دوائر لا تنتهي من التساؤلات..!!
و غالباً ما نسمع كلمة “عندما أحببته كان مختلف..!!”

و هنا تكمن الحقيقة، فما كان، أبداً لم يكن حباً بل هو إعجاب بما رأته العين و سمعته الأذن فقط، وقد يتطور الموضوع ليصل إلى الحب لو كانت الأمور على ما يرام، فلا أحد ينكر بأن الإعجاب أول درجات الحب.

أما الحب فهو إحساس مختلف تماماً عن هذه النظريات، لا يخضع لأي تفسير أو فرضية، يداهمنا فجأة، و بدون أسباب لأي سماتٍ خارجية أو إنجازات، ينقلنا لعالم ساحر لا نعرف فيه سوى سعادة نجهل أسبابها، نبحر بأحلامنا في حين أننا مازلنا على أرض الواقع.. نحب، نشتاق، نتألم و تصيبنا الغيرة من كل من يحاول أن يقترب ممن نحب في حدود المعقول طبعاً.
و إلا ما كنا وجدنا مليون قصة لفيلم عربي تقع فيها بنت الباشا في حب سائس الأحصنة بقصرها..
فالمرأة قد تقع في حب شخص حنون حتى لو لم يتسم بالوسامة، أو قد تحب رجلاً يتصف بالكرم رغم أنه فقير، وهنا مربط الفرس!!
الأرواح جنود مجندة ما تآلف منها اقترب و ما تنافر منها افترق، وفي مجمل الأمر جُبِلَت القلوب على حب من أحسن إليها.. و النفس البشرية بطبيعتها الإنسانية تصبوا للعيش الرغد و الكمال الدنيوي.

في روايةٍ أخرى، حلم كل فتاة أن تقع في حب فارس وسيم يوفر لها سبل العيش المريح، لكن على أرض الواقع تختلف الحقائق تبعاً للظروف المحيطة بكلٍ منا، و متى تضاربت رغباتك الدنيوية مع مشاعرك تجاه أحدهم، اعلم بأنك و قعت في الحب.. متى دخلت في حلقات مفرغة بين جزر و مد لما يمليه عليك عقلك و ما يريده قلبك، اعلم بأنك تحب.

قالوا قديماً؛ ” إذا شعرت بأنك تتصرف عكس المنطق و ضد مصالحك الشخصية، فاعلم بأنك تحب!!”
و أنا أقول متى اخترت أن أغض الطرف عن زلاتك و أقنعت نفسي بأنك مميز، متى شعرت بالإختناق و حاجتي إليك في بعدك عني، متى وجدت في أحضانك السكينة والأمان التي تحميني من ضوضاء هذا الكون.. اعلم على وجه اليقين بأني أحبك و اطمئن.. فقد يعجبني الكثير لكني لا أعشق سواك.

بقلم : غادة ناجي طنطاوي

رئيسة تحرير مجلة جولدن بريس

ورئيسة قسم الأدب و الشعر 


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com