يقال إن الأمير منصور بن عبدالعزيز أول من فكر في تحية للعلم السعودي، كدول العالم الأخرى التي يعزف سلام علمها في المحافل الدولية، فألف الموسيقار المصري عبدالرحمن الخطيب وطارق عبدالحكيم مقطوعة موسيقية دون كلمات عزفت إبان زيارة المؤسس ـ يرحمه الله ـ لمصر، واستمرت تلك المقطوعة ترافق كلمات السلام الوطني إلى اليوم، فبعد زيارة الملك خالد إلى مصر عزفت تحية العلم السعودي، لكن عندما عزف سلام العلم المصري كانت الجموع تردد كلمات مع الموسيقى، فسأل الملك مرافقيه، لماذا لا تكون لنا كلمات تصاحب المعزوفة؟ وظلت هذه الرغبة في نفسه، لكن الشعراء تهيبوا كتابة كلمات على مقطوعة موسيقية سابقة، حتى طلب الديوان الملكي في عهد الملك فهد من الشاعر إبراهيم خفاجي بوصفه شاعر أغنية أن يكتب كلمات العلم التي نرددها اليوم مع كل تحية للعلم، فكانت:
سارعي للمجد والعلياء
مجدي لخالق السماء
وارفعي الخفاق أخضر
يحمل النور المسطر
رددي الله أكبر يا موطني
موطني عشت فخر المسلمين
عاش الملك: للعلم والوطن
اليوم الوطني بعد أيام، وقد حضرت الكثير من الاحتفالات التربوية والوطنية والاجتماعية، فسمعت أخطاء تتردد في المدارس وفي الاحتفالات وفي القنوات التلفزيونية مع كل تحية للعلم، فكلمات النشيد لا تتجاوز أربعا وعشرين كلمة، ولا تحتمل الخطأ، ولا الزيادة أو النقصان، لكن خطأ التلاميذ صمت عنه التربويون فكبر معهم وامتد، حتى شاب إبداعاتهم في تسجيل نشيد العلم على قنوات يوتيوب، التي صارت مصدرا قريبا سهل المتناول لمنظمي الاحتفالات، فغاية منظم الحفل أن يجد قوالب جاهزة يدرجها في عرضه المرئي بعد تهميش دور الكشافة، وأحد تلك القوالب نشيد العلم السعودي بصوت جماعي دون موسيقى، خلفيتها المنظورة راية المملكة العربية السعودية.
لن أتحدث عن أخطاء فنان العرب في نشيد العلم عندما أحرجه داوود الشريان؛ لأنها ليست شائعة ولله الحمد، لكني أجزم أن كثيرين يعلمون عن الخطأين الشائعين جدا في نشيد العلم، فهو لا يحوي كلمة ( الأخضر) بهمزة وصل، سوغها التلحين للمخطئين فأضافوا (ال) على كلمة (أخضر)، وأخطأ فيها أيضا مدونها على موقع (ويكيبيديا) حينما أضاف (ال) (الأخضر) فسوغت (ال) أن ينطقها اللاحقون (الخضر) بلهجة عامية.
والخطأ الثاني زيادة كلمة (قد) التي تغير الدلالة إلى تحقيق الماضي وربما توحي بانقطاعه عن الحاضر في قولهم (موطني .. «قد» عشت فخر المسلمين) وهذا الخطأ الشائع ممتد في كثير من التسجيلات على يوتيوب، ودائب الدوران في طابور الصباح، وقد وصل إلى أداء الفنان حسين الجسمي ورفاقه على رقصات نافورة دبي، ومرده إلى امتداد الصوت في كلمة (موطني) إذ يجب أن يمد المردد الياء بمقدار يستطيع بعده الانتقال إلى كلمة (عشت) دون انقطاع أو إخلال بالموسيقى، لكنه وجد صعوبة في ذلك المقدار، فاستعان بكلمة (قد) دون النظر إلى الدلالة وتغيرات المعنى.
أما الملاحظة الثالثة فلا ترقى إلى مستوى الخطأ في كلمة (المليك) فإبراهيم خفاجي شاعر النشيد ينطقه (الملك) وكثير من المرددين ينطقه (المليك) لأنهم أشبعوا الكسرة حتى صارت ياء، لكن الدلالة لم تختل، ثم أخيرا اللازمة الطريفة المخترعة من (فرط الحماسة) في نهاية النشيد (طن ططن)، وهذه الأخيرة ربما تستدعي أن نفكر في تدريب الكشافين على عزف نشيد العلم على آلات موسيقية في المدارس، كما في المعاهد العسكرية.
حفظنا نشيد العلم من مصدره الصحيح، دون أخطاء ولا زيادات، لأن جيلنا كان ينتظر بث التلفزيون في العاشرة صباحا بالسلام الملكي، وإغلاقه به أيضا في الحادية عشرة والنصف ليلا، أما الأجيال اللاحقة فالمصدر الوحيد طابور الصباح غالبا، وهنا يجب على وزارة التربية أن تشدد على مدارسها في ترديد نشيد العلم بصيغته الصحيحة، وكذلك كل المسؤولين في الإدارات التي تقيم احتفالات، ومعدو القنوات الإعلامية، عليهم أن يدققوا في تحية رمزنا الوطني الذي نقف له اعتزازا، حتى وإن جلس المريبون، وكل عام الوطن أعلى!
بقلم : أحمد الهلالي
This site is protected by wp-copyrightpro.com