Latest News
وجهان لامرأة واحدة
01 أغسطس 2025
0
2574

بقلم: د. إيمان فوزي
الاستاذ بكلية الآداب حامعة المنصورة

كانت تعيش معه حياة هادئة في ظاهرها، دافئة بأبنائهما، مطمئنة بظنّها أنه يحبها كما كانت تحبه.
لكن شيئًا ما تسلل إلى قلبها… شكٌّ لا تعرف له ملامح، وقلقٌ لا تستطيع أن تفسّره.

حاولت أن تتجاهله، أن تطرد تلك الوساوس، لكن الشك إذا طرق باب قلب امرأة، لا يغادره بسهولة.

بدأت تراقبه، تسجّل المكالمات، تتفحّص تصرفاته، تبحث في هاتفه، ولكن دون دليل. فكّرت في صديقه المقرّب، وكانت على يقين أنه يعرف كل تفاصيل حياته.

قررت أن تتواصل معه من رقم لا يعرفه، بادّعاء أنها أخطأت الرقم، وتحدّثت معه كزوجة تبحث عن محامٍ يساعدها في الطلاق. وكان كما توقّعت… لم تنتهِ المكالمة بـ”عفوًا، الرقم خطأ”، بل طالت، وتكررت المحاولة، حتى أصبحت عادة.

كانت تكبح ضميرها عن التورّط في هذا الحديث، لكنها أقنعت نفسها أنها تسعى للحقيقة، حفاظًا على بيتها وأسرتها… متجاهلة ما اعتمل في عقلها من رغبة خفية لأن تكون هي تلك المرأة المجهولة، التي استطاعت أن تظفر باهتمام رجلٍ آخر، أغدق عليها من الحنان ما افتقدته في بيتها، بعدما انشغل زوجها بمنح ذات المشاعر لامرأة أخرى… وتركها هي فريسةً للشك والوحدة.

تعدّدت المكالمات… وتبادلا أطراف الحديث في موضوعات شتى…
حتى جاء اليوم الذي قال فيه الرجل، حاكيًا عن أحد أصدقائه: “صديقي على علاقة بصديقة زوجته…” وانخرط في الحديث دون تحفظ.

تسارعت أنفاسها، وسألته مسرعة: “ما اسم صديقك؟”
وتمنّت أن تسمع اسمًا لا تعرفه.
فأتاها الجواب كالصاعقة: “حازم.”… زوجها.

صُدمت.

سألته محاولةً معرفة رأيه في زوجة صديقه: “لماذا تتحدث عن زوجته كثيرًا؟ هل أنت معجب بها؟”
فردّ تلقائيًا: “لا معجب بيها إيه، دي حاجة كده… استغفر الله العظيم.”

قالت له: “هل هذا رأيك أنت، أم رأي زوجها؟”
فأجاب: “بل رأيي أنا.”

لم تكن الصدمة في خيانة زوجها فحسب، بل في أنها من صديقتها…
والأدهى، أن الرجل الذي تعلّقت به من بعيد، لم يجد فيها ما يثير إعجابه!

بكت كثيرًا أمام المرآة…
لا تدري: أتحمد الله أن هذا رأي صديق زوجها وليس زوجها؟
أم تنكسر لأن من تعلّقت به دون وعي، قد هزّ ثقتها بنفسها؟

قررت أن تقطع التواصل فورًا… لكنها كانت قد اعتادت عليه.
ومع ذلك، قاومت. قاومت ضعفها… قاومت المشاعر المحرمة التي تسلّلت خلسة إلى قلبها، وأدركت أن هذا الطريق لا يرضي الله، ولا يليق بها.

خرجت من التجربة مجروحة… لكنها خرجت أكثر وعيًا ونضجًا.
وأيقنت أن بعض الأبواب حين تُفتح، لا تجلب سوى الألم.
وأن:

“لا تسألوا عن أشياء إن تُبدَ لكم تسؤكم.”

وأننا لو اطّلعنا على ما في قلوب بعضنا، “لتقاتلنا بالسيوف” – كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فالستر رحمة، والجهل ببعض الحقائق نعمة،
والسكينة لا تولد من التجسس… بل من الإيمان.
وإن الله لا يحاسبنا على أفعال الآخرين… بل على أفعالنا نحن.
وتذكّر دائمًا:
“دقّة بدقّة، ولو زدتَ لزاد السقّا.”


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2025 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com