“يابخت مين بات معاق ولا بات معيق” | الاعلامية نهى مندوره
17 أكتوبر 2016
1
175725
مابين عالمنا الافتراضي الذي نعيشه و الواقعي الذي نهرب منه نجد على هامش حياتنا جزءا منا ضائع لاهوية له.. لا هنا ولا هناك!
هناك جزء منا نذكره في المناسبات العالمية و الاحتفالات المغطاة إعلاميا فقط! وكأننا نريد التخلص منه بجرعة زائدة من الاهتمام لنهمله ونتجاهله بعد ذلك حتى يلقى حتفه.
قبل الاسترسال والحديث”على راحتي”، علي أولا أن أوضح أن استخدامي لكلمة “معاق” أتى متعمدا بالرغم من استبدال الكلمة من قبل هيئة الأمم المتحدة بمسمى “ذوي الاحتياجات الخاصة”، لأننا كمجتمع عربي نفضل البحث عن القشور والبدء برمي الاتهام هربا من الغوص في أعماق المشكلة المطروحة وإيجاد حلول لها.
كنت من أوائل الحضور لأحد الاجتماعات الخاصة بإحدى الدورات ،أثناء حوار دار بيني وبين رئيس الإجتماع وقبل وصول البقية رن جرس الهاتف ليستفسر أحدهم عن مدى تهيئة المبنى لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة. لم تكتمل ال 10 دقائق ليدخل هذا الشخص المكتب بكل سلاسة ويأخذ مكانه. اكتمل العدد ليعرف كل منا عن نفسه … جاء الدور عليه فعرف ببطاقته الشخصية و بأدواره في خدمة المجتمع والتي كان من أبرزها عضويته في أحد الجمعيات التطوعية والتي بدأها منذ حادثة سيول جدة.
أثار دهشتي بكلماته تلك لأتسائل في عقلي كيف له أن يشارك في مثل هذه الخدمات التطوعية بالرغم من “إعاقته” كما يصنفه المجتمع ؟!
وكيف له أن يضمن سهولة تنقله بالرغم من يقينه بعدم تهيئة غالبية الأماكن لذوي الاحتياجات الخاصة؟!
لأخرج من تساؤلاتي بصدمة أكبر حينما عرف عن وضعه بأنه “معاق” و أن هذا الإسم يمثل الواقع الذي لامفر منه بصوت أقرب إلى إنسان منوم مغناطيسيا. للأسف لم أستطع أن أمسك بلساني وأكمل حواري مع عقلي في صمت، فقد عدت إلى الوراء في إحدى لقاءاتي التلفزيونية مع “أحد مسئولي التربية الخاصة” والذي عقب قبيل الهواء على استخدامي لكلمة “ذوي الاحتياجات الخاصة” وأكدلي بأنهم “معاقون” لطالما أنهم يعانون من صعوبة في التنقل ويستخدمون أدوات أو وسائل للعيش. فطلبت منه ذكر هذا “التصحيح” كما يدعي على الهواء وبأن له الحرية في استخدام الكلمة التي تناسبه
“ضاربا عرض الحائط باتفاقيات دولية وحقوق عالمية ثابتة”..متمتمة بيني وبين نفسي
اعتذرت عن مقاطعتي للشاب بنظرة اتهام أكثر منها نظرة تعاطف، لأستسمحه بأن يفكر قليلا ولا يردد مايملى عليه من قبل معاقي الفكر
نعم .. معاقي الفكر
فمن يصر على الخطأ معاق فكريا
من يهمش مشاعر إنسان .. معاق فكريا
من يضرب بحقوق “المعاقين”كما يسميهم أو يضع العوائق أمامهم بدلا من توفير أقل مايستحقونه من حقوق”كتهيئة الأماكن العامة و الخدمات لهم” .. معاق فكريا
وتذكرت هنا إحدى مقولات “الكفيفة” هيلين كيلر
“هناك من يسمع ولا ينصت، ينظر ولا يرى ،يشعر ولا يحس ،وعلمت أن العمى عمى القلب وليس عمى البصيرة”
فاستخدام هذا “المعاق” للكرسي ماهو إلا آداة لتسهيل حركته مثله مثل استخدام أي شخص يضع نظارته الطبية والتي لا يستطيع الاستغناء عنها في الرؤية أو القراءة. فطالما أنه استطاع استكمال دراسته الجامعية و الالتحاق بوظيفة، ولم تمنعه “إعاقته” من الالتحاق بالخدمات المجتمعية إذن هو عضو فعال وليس خامل كمن هم بكامل صحتهم يعيشون البطالة و الفشل ويسيئون للمجتمع بفكرهم الخالي ويعيقون عجلة تقدمه. ولا هو يندرج تحت من بيده تنفيذ الحكم بالسجن على ال”معاقين” مع وقف التنفيذ. فيترك “المعاق” طليقا حرا في المجتمع يشارك في التغطيات الإعلامية و تؤخذ له الصور في المناسبات ليتم توثيق دوره “كمعاق” له حقوقه في المجتمع إلا أنه يقف عاجزا كلما تذكر الحكم الصادر عليه وهو يرغب في ارتياد مطعم معين مع أصدقائه أو الصعود إلى جهاز صرف آلي قريب منه.
فعلا “يابخت مين بات معاق ولا بات معيق”
بقلم الاعلامية نهى مندورة