المبتدأ والخبر …
27 أكتوبر 2021
0
23859

 

اللواء اح اسامه راغب

تعلمنا جميعاً في بدايات المراحل التعليمية اللغة العربية حتي أصبحنا علي يقين أن مفردات كلمات اللغة العربية كثيرة ومتعددة وبالغة الثراء ..
فكل كلمة في لغتنا الجميلة لها أكثر من معني ودلالة ..
لكن دائماً الكلمة والمعني الحقيقي يفرض نفسة ولغتنا الجميلة اذا تُرجمت بكل اللغات فلا توجد لغة تغير معني أو مفهوم حتي في صياغة الدساتير والمعاهدات الدولية..
اذا اختلف فقهاء الصياغة تكون اللغة المرجعية هي اللغة العربية حتي تدقق من خلالها المعني في كل لغات العالم
ودائما ًاللغة العربية هي التي تفرض نفسها لكونها الأدق والأشمل والأكثر وضوحاً في المعني والمضمون..
لقد تعلمت الإعراب ضمن قواعد اللغة العربية ، ولعله اهم قواعدها في رأي الكثير من فقهائها في مقتبل وبدايات التعليم وتحديداً في مادة النحو ..
التي اذكر أن مدرس النحو كان بهي الطلة والطلعة دائما ..حيث لم أره طوال تتلمذي على يديه ، إلا مرتب الهندام ، مرتدياً بدلة أنيقة تكسيهُ الكثير من الوقار والجلال ..
وكان لا يتكلم العامية ابداً ، وإنما يتحدث العربية الفصحي في حواراته مع الجميع ، في داخل الفصل الدراسي وخارجه ، واقطع بلا أي شك إني لم اره بزي غير ذلك ، ولو على سبيل الصدفة ، حتى ظننت أن البدلة من ضمن اللغة العربية !!
كانت حصة النحو لكل زملائي من أصعب الحصص الدراسية ورويداً بدأ البعض في تذوق طعم وجمال لغة الضاد ،وكان لأستاذنا الانيق طريقة واضحة واسلوب معتاد في الهجوم على بعض الطلاب بمباغتته بكلمته المعتادة “أعرب ياطالب الجملة الآتية” وبالطبع لم يكن النجاح حليف الغالبية ، فقد كان يعرف قدر كل طالب ومستواه ، ويزيد قليلاً عن مستوى الطالب عند سؤاله .
لذا كان دائماً ما يصحح ، مرتكزاً على ما بدا لنا جميعا أنهما أهم كلمتين في الاعراب وتحديدا هما “المبتدأ والخبر” ..
المبتدأ والخبر .. كلمتان اذا بدأت الجملة بأحدهما نهرول في باقي الجملة بحثاً عن الأخرى فإن بدأت بمبتدا بحثنا عن الخبر ، الذي لا يكتمل المعني ولا المضمون إلا بوجوده ..
واإن كان خبر مقدم ، وقعنا في فخ متكرر ، ما أن نفك شفرة الجملة ، إلاونبحث عن المبتدأ المؤخر
باختصار فهما إما متجاورتان أو متباعدتان ، فأي مبتدأ لابد أن يكون له خبر ،وقد لا تفهم أي جملة إلا بأركانها الأساسية هما هنا المبتدأ والخبر .
ودائماً المعني يظل منقوصاً اذا كتبت بمبتدأ فقط ولاتقفل الجملة سواء في المعني والمضمون إلا اذا تزاوج المبتدأ بالخبر
تعلمنا أصول اللغة العربية في حصة النحو وظلت هذة الحصة دائماً ثقيلة وكل الطلبة في حالة تأهب خوفاً من الوقوع في فخ مدرس النحو ، والكل يتجنب أن يكون غير المحظوظ الذي يقع في فخ الإعراب المتكرر.
والحق إني لم أحب تلك الحصة إلا بعد ما تحركت أحاسيس اللغة عندي وبدأت اتذوقها واستمتع بمفرادتها ، فاحببت مادة النحو ، ليس من اناقة المدرس فحسب ، بل ايضاً من عمق معاني اللغة
ومنذ ذاك الزمن ترسخت لدي قاعدة بالغة الاثر والتاثير ، فاذا أردت الصياغة الدقيقة اتذكر حصة النحو واللغة العربية وصوت المدرس الرنان وهو متأكد من سيطرته علينا بقوة اللغة وليس قوته الشخصية ، فاذا كان المبتدأ نقطة إرتكاز فإن الخبر قاعدة اطلاق الجملة لتحلق في سماء المعاني وتبحر اللغة العربية لسبر اغوارها .
والابحار هنا يعني عمق اللغة وحاجتها الي بحار بارع وملاح يقود سفينة مملوءة بخيرات اللغة التي لا تنضب
وكل يوم عن يوم اتأكد أن اللغة العربية مثل نهر النيل الذي لاينضب ولا يجف عن العطاء بمياة المعاني التي هي كل الحياة وادوات الكتاب والشعراء و الروائيين والصحفيين وكلنا تحت مظلة المبتدأ والخبر..
فاذا كانت مصر هي مبتدأ الجملة فالبقاء والوجود هو خبرها
حفظ الله مصر كمبتدأ أي حضارة وتاريخها العريق خبر اللغة العربية…


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منطقة الاعضاء

قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 جميع الحقوق محفوظة صحيفة شبكة الاعلام السعودي تصميم و استضافةمؤسسة الإبداع الرقمي

This site is protected by wp-copyrightpro.com