إعطني تعليما … أُعطيك جيلا سليما مُعافى | مي مبروك
21 أغسطس 2017
0
109098

 

الحروب تدمر المجتمعات ، وتؤثر تأثيراً بالغاً على الأطفال . و‏بوسع التعليم أن يعيد البلدان إلى مسارها الصحيح بعد انتهاء الأزمات . وبالإضافة إلى أن التعليم حق أساسي ‏من حقوق الإنسان، فهو يشكل أيضاً وسيلة للانتعاش وتخطي الصِّعاب . فهو لا يعيد الدراسة وجميع الفوائد المتعلقة بها إلى ‏السكان المتضررين بهذه الحروب فقط، بل يساعد البلدان أيضاً على إعادة بناء المؤسسات والأفراد والنظم التي دمرتها الكوارث ‏والحروب أو النزاعات.‏
‏ ‏‎
ويقوم المجتمع الدولي، الذي يدرك على نحو متزايد أهمية التعليم في البلدان التي تتعافى من الأزمات، ‏بدعم جهود اليونيسف في هذا المجال. وفي أواخر عام ‏‎2006‎، انضمت إلى اليونيسف جهات مانحة ‏وشركاء رئيسيين لكي تتمكن هذه البلدان من العودة إلى مسارها الطبيعي، وتحويل الأموال لدعم الأنشطة ‏الاستراتيجية للمساعدة على إعادة بناء النظم التعليمية، ومنع تكرار حدوث الأزمات، والتخفيف من هشاشة ‏البلدان التي تمر في مرحلة انتقالية من الأزمة إلى التطور الطبيعي. إن فوائد التعليم في المجتمعات التي ‏تمر في مرحلة ما بعد الأزمة، هي فائد بعيدة المدى.‏
‏ ‏‎
وبالإضافة إلى أن المدارس يمكن أن تشكل مراكز لتوزيع إمدادات الإغاثة، فهي أماكن آمنة تقدم الرعاية للأطفال ‏وتحميهم من الاختطاف، ومن التجنيد في صفوف التنظيمات بكافة طوائفها، أو استغلالهم جنسياً أو اقتصادياً. ويتعرض ‏الأطفال بشكل خاص إلى العديد من أشكال سوء المعاملة، والإهمال عندما تتعرض الأسر والمجتمعات ‏المحلية للمشاكل،رغم أنهم عماد هذه المجتمعات.‏
‏ ‏‎
كما تهيئ المدارس بيئة لتضميد الجراح النفسية والعاطفية. إذ تسبب حالات طارئة صدمات للأطفال وأزمات نفسية ‏على نحو خاص. وبإعادة الإيقاع اليومي، والمساعدة على الشعور بعودة الأمور إلى طبيعتها، تصبح ‏المدارس أماكن ناجعة للعلاج، وتخلق الاستقرار والثبات في وسط هذا الدمار. وسواء من خلال البرامج النفسية ‏الاجتماعية، أو من خلال التعلم واللعب، فإن المدارس تؤدي دوراً أساسياً في الامتثال للشفاء وتعمل على إخراج جيل متعلم مساهم في دفع عجلة التنمية .‏
‏ ‏‎
عندما يُستعاد التعليم، فإنه سيوفر المعرفة والمهارات اللازمة للصمود أمام الأزمات وتجاوزها. ومن خلال نشر ‏المعلومات عن السلامة من الألغام الأرضية، والوقاية من الإيدز وكافة الأمراض ، والنظافة الصحية الأساسية، والرعاية ‏الصحية، وتسوية الصراعات، وبناء السلام، يساهم التعليم في حماية الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم ‏المحلية. أما المجتمعات التي تظل تعاني من أزمات، فإن التعليم يرسي الأساس للتنمية ويشكل أرضية خصبة لتخطي هذه الأزمات.‏
‏ ‏‎
ومن خلال رعاية الأطفال وتوفير خدمات الإغاثة، تساعد المدارس الأسر على الوقوف على قدميها، ‏وتتيح للآباء الفرصة لالتقاط الأنفاس لبدء حياتهم.‏
‏ ‏‎
بالإضافة إلى كون التعليم جزء من جهود الإنعاش الأساسية، فهو يتيح الفرصة للمستقبل، فرصة “إعادة ‏البناء على نحو أفضل”. وفي البلدان المتضررة من النزاعات الطويلة الأجل، يمكن أن يكون التعليم بمثابة ‏محفز للسلام، مما يضطر الأطراف التي كانت متنازعة ذات يوم على العمل معاً لمصلحة أبنائها. وفي ‏أعقاب الصراع الهش، تستطيع المجتمعات أن تقيم نظاماً تعليمياً أكثر شمولية بمناهج تعزز السلام ‏والمصالحة. ‏

وفي حين يمكن أن يستغرق النمو الاقتصادي، والاستقرار السياسي والمصالحة الحقيقية، وقتاً طويلاً لكي ‏يتحقق، لكن جني فوائد ملموسة سريعة من إلتحاق الأطفال بالمدارس، ومنه بدء التنمية وتوفير فرص لهم ‏من أجل مستقبل مستقر وتنمية مستدامة .

بقلم / مي مبروك

 


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com