إحذروا دجل مدّعوا العلاج النفسي | د. هيثم شاولي
25 ديسمبر 2020
0
56034

 

فى عصر التطور والتقدم والتكنولوجيا الحديثة، أصبح دور الصحة النفسية يشكل أهمية قصوى في تقدم الدول لإعداد وتهيئة أجيال خالية من أى أضطرابات نفسية، والتى حتما سينعكس إيجابًا فى تقدم الدول وفى نهضتها، وبالتالي إلى رفع إنتاجية الأفراد وتحقيق تنمية إجتماعية آمنة وناجحة،

إذ تعدّ مهمة للفرد فى فهم ذاته والقدرة على التوافق مع نفسه وشعوره بالسعادة مع النفس والآخرين، والقدرة على مواجهة مطالب الحياة وتكوين أسرة سليمة، والعيش فى سلامة وأمان، ومهمة أيضاً للمجتمع لأنها تهتم بدراسة وعلاج المشكلات الاجتماعية التى تؤثر على نمو الفرد.
ولنا أن نتصور كيف يكون الحال لو أنشأنا أجيال مهزوزة و مكتئبة و يعانون من الخوف والقلق والتوتر والوسوسة، وبالتالي فأن الصحة النفسية ستؤثر على الفرد والمجتمع سواء بالإيجاب أو السلب.
ولا شك بأن العلاج النفسي يعتمد على الطبيب النفسي والأخصائي السلوكي، فكلاهما مكملان لبعضها البعض، فالطبيب النفسي يعتمد علاجه على وصف الأدوية التى تساعد على تخفيف الأعراض الذى يعانى منها المريض النفسى،
أما العلاج السلوكي فيعتمد على جلسات استشارية تساعد المريض على التغلب على مشكلته النفسية وكيفية مواجهتها وذلك بتحفيز الإرادة الداخلية.
ولا شك أن ضعف هذا الدور السلوكى أوجد ثغرة في استغلال البعض لهذه المهنة بفتح مكاتب فخمة للكشف على الحالات المضطربة، وبأسعار خيالية، وبعد ذلك يتم تقديم ورقة استبيان لتعبئتها، وهى تتضمن على عدد كبير من الأسئلة، وأيضاً بسعر إضافي وخيالي، غير رسوم الكشفية بدواعي ودوافع تحليل شخصية المريض وتقييم حالته ، وبعد ذلك يتم التعامل مع المريض بكل الأساليب الاستغلالية من أجل الاستفادة المادية، وفي الأخير إما يقال له بأنه مسحور أو أن هناك عملاً خفياً أجري له، أو أنه يعاني من الفوبيا والهلع بسبب صدمة ما فى حياته، ويطلب منه بعمل بعض الوصفات الشعبية مثل رش الملح أثناء الاستحمام بالماء البارد وغيرها، وكثير مثل هذه الوصفات التي تعتمد على الاحتيال وتكون حصيلته فى النهاية استنزاف المريض بمبالغ كبيرة مقابل فائدة وهمية قصيرة، وتعود بعد ذلك حالة المريض كما هي.
وللأسف قد يلعب أحياناً ضعف الوعي وعدم الثقافة ووسائل التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائيه دورًا كبيراً في إبراز نجومية هذه الشخصيات الوهمية بتكريس صورهم واستضافتهم فى المقابلات، فعند زيارة هذه الشخصية في مكتبه نجد كل أركان الجدران مزدهرة بشهاداته، بينما هدفه وشعاره الذي يخطط له فى النهاية هو استغلال المريض وانتهاز فرص معاناته وإحساسه بعدم قدرته على انجاز مهامه وشعوره بالعجز ، فيتم شفط كل ما في جيوبه
وما دعاني إلى كتابة هذه المقالة هو مع الأسف انتشار الاضطرابات النفسية فى مجتمعنا بصورة ملحوظة لدرجة قد لا تخلو عائلة إلا بوجود حالة مضطربة قد تزعج وتعكر صفو العائلة.
وأيضا لمست ذلك من تجربة كثير من الشباب الصغار الذين هم فى مقتبل العمر، وفى عمر الزهور ويحتاجون إلى أشخاص مخلصة وأمينة تأخذ بأيديهم وتساعدهم فى تخطي الصعاب والصدمات، ويعبروا بهم إلى شط الأمان، ليكونوا قدوة وأعضاء صالحين ومنتجين، سواء على مستوى أسرته و مجتمعه.
أخيرًا.. لا أخفي أن قلت بأن هناك شخصيات نفسية ممتازة تتعامل مع الاضطرابات النفسية الذين لا يحتاجون إلى التدخل الدوائي إلى جلسات نفسية ومصارحة تعزز في دواخلهم الإرادة والقوة والعزيمة بمنظومة علمية وأساليب نفسية هدفها علاج المريض النفسي وتعزيز ثقته بنفسه، وإبعاده عن شبح المخاوف وأمراض العصر، ومنها القلق والتوتر والاكتئاب، وتقوية علاقته بالله عزّ وجل، وزيادة إيمانه وتقوية الطاقة النفسية لديه، ويقدمون خدماتهم الاستشارية برسوم رمزية وفي متناول الجميع بعيداً عن الدجل والنصب والاحتيال.
وأخيرًا.. فأن الفرد الذي يعاني من الاضطرابات النفسية التي لا تستوجب الدواء من حقه أن يجد الشخص المناسب الذي يقف بجواره وينهي معاناته، وهذا ما أرجوه أن تهتم به القطاعات الصحية في مملكتنا الغالية لأن هناك نقصا في هذا المجال ، وهذا مما ساعد على لجوء شريحة كبيرة من شبابنا إلى هذه الشخصيات الوهمية التى ذهب ضحيتها الكثير من أبنائنا.
والله من وراء القصد.

د.هيثم محمود شاولي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com