نصف الحقيقة… رثاء امي | راكان المداح
26 أكتوبر 2020
0
58311

 

تختفي الكلمات وتثقلها العبرات لتصف رحيلك يا امي ، اقراء رثائك من احبابك ( وهم كثير ) وحزنهم على وداعك ووصفهم لفضائل اعمالك و غزارة علمك وسمو اخلاقك ولاخلاصك لوطنك وجامعتك وقسمك في عملك وتفانيك في دراستك وتدريسك وبشاشة وجهك و حسن تعاملك مع الجميع ، اثر طيب تركتيه خلفك لنتغنى فيه وقت فراقك ولكن كل ماذكرته وما يعرفونه هو نصف الحقيقة …

الذي لم يروه هو الانسانة التي جاهدت الحياة وبذلت الغالي والنفيس وافنت صحتها وعافيتها في بناء منزلها ، المرأة التي واجهت الابتلاء كالجبل الذي لا تهزه الريح مؤمنة برحمة الله وتوفيقه.. الام التي كانت تستيقظ قبل الموعد لتوصل ابنائها فرداً فرداً لمدارسهم والتي تعود لتقلهم فرداً فرداً لمنزلهم لتتاكد من تدريسهم وتحصيلهم وتعتني بهم وبزوجها ومنزلها قبل ان تبدأ رحلة التحضير للتدريس والدراسة لترقيتها العلمية وتعاود نفس الكرة في اليوم التالي… الام التي اشرفت على تحصيلهم وتربيتهم على احسن صورة واجمل خلق …كانت تجافي النوم لتتاكد من ان اولادها في غربتهم قد وصلوا بيوتهم واوصدوا ابوابهم .. الام التي وقفت مع زوجها في السراء والضراء وتحملت الابتلاء وصبرت على الامتحان وساندته واولاده وبيته بكل ما وسعت من طاقة وقوة …. الام التي جابهت الامراض وتحملت الاعباء دون ان تشعر كائنا من كان بجهادها … الام التي تحملت المرض والمواعيد والزيارات والاطباء بمفردها لكي لا تثقل على اولادها في مشاغل دنياً فانية … التي تقابل اولادها بابتسامة رغم الوجع لكي لا يشعروا بمرضها وضعفها … الام التي خف بصرها وظلت تقاوم لتحصل على درجتها العلمية حتى بعد التقاعد ضاربة لنا اروع الامثلة في الصبر والجلد … الام التي اثقلها المرض والتعب وجهاد السنون ولم تشتكي لاحد …الام التي تحملت مرض زوجها وابتلاه وكانت نعم العضيد … الام التي لم تسلم راية الحياة حتى انهت الرسالة وادت الامانة وزوجت ابنائها وبناتها ورزقها الكريم رؤية احفادها … بعدها سلم الجسد الذي انهكه الجهاد وتتضعضع الجبل الذي بلغ منه التعب منتهاه ورحلت ليلى الى رب كريم …
غيض من فيض في قصة جهاد امي …
الحقيقة الكاملة ياسادة ان امي هي اعظم من ولد على وجه الارض واعظم ام في الكرة الارضية ، الحقيقة الكاملة لا يعلمها الا من جالسها وعايش جهادها وانفطر قلبه برحيلها…

اللهم اجزي ليلى عنا خير الجزاء واسعدها كما اسعدتنا واكرمها كما اكرمتنا وارحمها كما رحمتنا واسترها كما سترتنا وتولها كما تولتنا واجبرنا في مصابنا وصبرنا على فراقها

اللهم أبدلها دارا خيرا من دارها. وأهلا خيرا من أهلها. وذرية خيرا من ذريتها وزوجا خيرا من زوجها وادخلها الجنة بغير حساب. برحمتك يا ارحم الراحمين. اللـهـم ادخلها الجنة من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب

اللـهـم إنها فى ذمتك وحبل جوارك فقها فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر لها وارحمها انك أنت الغفور الرحيم

محب ليلى عبدالمجيد
راكان المداح


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com